على طريقة المثل الشعبي الشائع “ضربني وبكى سبقني واشتكى”، حاك الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله سرديّته أمس على قاعدة أنّ “السعودية تبحث عن حجة لتفتعل أزمة مع لبنان”، في مقاربته لموضوع الأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة بين لبنان ودول الخليج العربي، والتي يُشار إليه بأصابع اليد كمتسبّبٍ أوّل بها في تأكيد المقاربة الخليجيّة – العربيّة.
ولم يلبث نصرالله أن أكّد المؤكّد لناحية أنّ وزير الإعلام جورج قرداحي ليس “سيّد نفسه” في اتخاذ قرار استقالته من عدمها، في إشارته إلى “أنّنا رفضنا إقالة قرداحي لأن السعودية لم تقابل لبنان سابقاً بأي إيجابية عندما أقيل الوزير شربل وهبي”، حتى “سَحَب يده” من تحمّل مسؤولية السيطرة على القرار السياسي في لبنان، بعدما راودته “مشاعر الخجل” ممّا سمّاه “الاتهام بالهيمنة على لبنان لأن فيها تضييعاً للوقت، لكن نحن جزء في لبنان وأكبر حزب سياسي في لبنان، إنما نحن غير مهيمنين على لبنان، لا بل هناك من لديه تأثير أكبر في مفاصل الدولة من تأثيرنا”.
وانطلاقاً من مصطلحات “التمسكُن”، أوصل نصرالله رسائل مفادها أنّه “لا ينوي التصعيد، لكن لا يصح للمظلوم أن يسكت”، وصولاً إلى أسلوب “التمكّن” مع نفي سيطرة إيران على لبنان وإلباسها “ثوباً ملائكياً”، قائلاً إن “حجة السعودية بسيطرة حزب الله على لبنان واهية”.
وعلى الرغم من محاولات نصرالله الالتفاف والتنصل من مسؤولية “الخراب” اللبناني على غير صعيد وصولاً إلى جبل جليد الأزمة مع الخليج، لكن “الحقُ كُلٌ لا يتجزَّأ، فَهُناكَ فَرْقٌ شاسِعٌ بَيْنَ نَفْيِ الواقِعِ وَبَيْنَ مُحاولةِ تبريرهِ وَالافْتئاتِ عليه…!”، على ما جاء في العبارات المرمّزة التي كتبها سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري.
وفي خضمّ اللعب الخطابيّ من منطلق “جملة على الحافر وجملة على المسمار”، استقرأت مصادر سياسية معارضة في مواقف نصرالله “كلاماً موجّهاً إلى الداخل اللبناني في محاولة للتنصّل من مسؤولية حزبه في خربان بيوت اللبنانيين ومن كلّ التداعيات التصعيدية للأزمة الديبلوماسية، وفي محاولة بائسة للمكابرة مع إدراكه بأن ما قاله لا يبدّل شيئاً في المعطى السياسي في ظلّ دلالات استمرار الوضع على ما هو عليه طالما أن المشكلة العربية مرتبطة بخيارات نصرالله شخصياً”.
وإذ تحذّر المصادر من “غياب الحلول في أفق الأزمة اللبنانية – الخليجية في ظلّ تعنّت حزب الله واستمرار سيطرته على القرار في الداخل اللبناني”، ترى أن “المرحلة المقبلة مفتوحة على المزيد من التصعيد تجاه لبنان الذي يبقى في مهبّ ريح السيطرة الايرانية، فيما بات من الحريّ التفكير جلياً بضرورة تشكيل جبهة معارضة دعا اليها أكثر من مرجع سياسي، علماً أن الظروف لم تنضج حتى الآن للبناء على هذا التوجه الذي يحتاج إلى استراتيجيا وتوافق سياسي واسع غير ظاهر حتى الآن وسط تباينات داخلية بين الأحزاب المحسوبة على الخطّ السيادي”.
وفي ما لا يقبل الشكّ بأهمية استعادة نبض العلاقات اللبنانية – الخليجية، اغتنم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مناسبة إطلاق “صندوق إعادة بناء مؤسسات الأعمال في بيروت” للتأكيد على “أننا سنعيد بناء لبنان مع الأشقاء العرب”.
وأكد ميقاتي “أنني باقٍ إلى جانب كل أبناء لبنان، في بيروت وكل مدينة وقرية عزيزة.
معاً سننقذ ما يمكننا إنقاذه… معاً ومع أشقائنا العرب، الذين لا غنى لنا عنهم، ومع أصدقائنا، الذين يدعموننا ويمدّون لنا يد المساعدة، سنعيد هذا اللبنان الذي نحب، ومن أجله ترخص التضحيات، إلى خريطة الدول المتقدمة، وإلى لعب دوره الرسالي والحضاري”. ويأتي كلام ميقاتي في وقت تزداد أزمة عدم عقد الجلسات الحكومية تعقيداً.
وأشارت معطيات ان انسداد في كامل الأفق على الرغم من المحاولات التي نشطت في الساعات الماضية على خطّ الرئاستين الأولى والثالثة للبحث عن مخارج تساهم في إعادة مجلس الوزراء إلى الانعقاد.
وأفادت المعطيات أن الحكومة ستنتهج في المرحلة المقبلة طريقة “العمل على القطعة” أو بحسب الملف، إذ سيعنى كل وزير بمهام وزارته ويتولى الملف المرتبط به.
ويُرتقب أن يدخل موضوع استجرار الكهرباء من مصر والأردن مراحله الأخيرة مع التوصل الى شبه اتفاق كامل مع البنك الدولي لتزويد لبنان بقرض يساهم في دفع نفقات شراء الغاز المصري.
ويُنتظر إعادة عقد جلسات مجلس النواب لتمرير الجزء الأول من مشروع البطاقة التمويلية التي ستشمل فئة من الاسر الأكثر فقراً بنسبة 20% من العائلات التي يرتقب أن تستفيد من مشروع البطاقة.
وفي زحمة الأزمات المتدحرجة، لا يزال أكثر من فريق سياسي يرى في الانتخابات النيابية المقبلة طريق الخلاص.
وقد أتت في هذا السياق رسالة رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلى اللبنانيين في الانتشار، أشار فيها إلى أن “لبنان بات بحاجة إلى عملية جراحية أساسية وحظوظ نجاحها كبيرة… وقت العملية أصبح معروفاً ولو بشكل أوليّ، في أواخر آذار.
اتوجه اليوم، بالأخص، للبنانيي الانتشار لأنهم أثبتوا في السنتين الأخيرتين أنهم لبنانيون بكل ما للكلمة من معنى، على الرغم من وجودهم في الانتشار، وعصبيتهم لا تقل أهمية عن عصبية اللبنانيين المقيمين في لبنان”، مشدّداً: “لذا تسجلوا، تسجلوا بكثافة، وصوّتوا، صوّتوا بكثافة.
لبنان بحاجة لصوتكم، أهلكم وأقرباؤكم ايضاً بحاجة لصوتكم، أولادكم الموجودون معكم اليوم بحاجة لصوتكم كي يبقى لهم وطن يعودون إليه في يوم من الأيام. لا تتخلوا عن كل هذا، تسجلوا بكثافة وصوتوا”.
وفي سياق متابعة استحقاق الانتخابات المرتقب، استقبل وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب وجرى البحث في التحضيرات الجارية لإنجاز الانتخابات النيابية.
وأشار المولوي إلى “التزام الحكومة ببيانها الوزاري إجراء الانتخابات”، لافتاً إلى أنّه “تمّ الاتفاق خلال اللقاء على خطة العمل وضرورة استمرارها لإنجاز التحضيرات اللازمة لتطبيق القانون وإجراء الانتخابات للمقيمين وغير المقيمين في مواعيدها القانونية”.
وأكد على “استعداد وزارة الخارجية والمغتربين للقيام باللازم ومواصلة الخطوات التي تقوم بها مع البعثات في الخارج، كذلك بالتعاون المستمر بين الوزارتين لإنجاز الاستحقاق”.