بعد أن تولى مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية بأشهر قليلة، شرع في سياسة الانفتاح الاقتصادي والتجاري مع الخارج، فأبرم اتفاقيات بمختلف المجالات مع عدة دول منها الأردن ومصر والإمارات والسعودية وقطر وفرنسا وأميركا وغيرها.
مشروع المدينة الاقتصادية بين العراق والأردن كان أحد مخرجات القمة الثلاثية التي انعقدت في بغداد في يونيو/حزيران الماضي، والتي جمعت الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.أهمية المدينة الاقتصاديةالمدينة الاقتصادية بين العراق والأردن يتوقع أن يكون لها دور تنموي، بحسب المهندس حامد عواد محمد رئيس هيئة المدن الصناعية التابعة لوزارة الصناعة العراقية.
وأضاف للجزيرة نت أن المدينة التي ستبلغ مساحتها نحو 5 آلاف دونم (الدونم يساوي ٢٥٠٠ متر مربع تقريبا)، بعرض ألفي متر وطول 6 آلاف متر، ستقدم التسهيلات لصناعات البلدين، كما ستوفر من 50 ألفا إلى 100 ألف فرصة عمل لأبناء البلدين.وأوضح عواد محمد أن المدينة الاقتصادية تتضمن 3 مناطق رئيسية، هي: المدينة الصناعية، والمنطقتان الحرة، والدعم اللوجستي.وبلغ حجم الصادرات الأردنية إلى العراق العام الماضي نحو 630 مليون دولار، والمستوردات غير النفطية نحو 62 مليون دولار، وفقا لدائرة الإحصاءات العامة الأردنية.تأخر فتحهاوعن أسباب عدم افتتاح المدينة الاقتصادية بين العراق والأردن حتى الآن، أعاد رئيس الهيئة الصناعية السبب الرئيسي إلى تفشي جائحة كورونا، والإجراءات البيروقراطية الإدارية في بغداد لحسم تسجيل المدينة القانوني الذي تأخر لسنتين باسم هيئة المدن الصناعية تنفيذا للقرار المرقم 75 لسنة 2018.ومن الأسباب الأخرى -حسب عواد محمد- المسح الجيولوجي لتربة تلك المدينة، وانتظار الانتهاء من دراسة الجدوى الاقتصادية الأولية، كاشفا عن المباشرة حاليا في إعداد دراسة الجدوى لغرض حسمها كفرصة استثمارية للمطورين.أما المختص في الشأن الاقتصادي حسين ثغب فتحدث عن الجانب الإيجابي للمدينة الاقتصادية، معتبرا أنها تقع على الطريق الدولي بين البلدين الذي سيوصل البضائع المستوردة لجميع مناطق العراق.ويقول ثغب للجزيرة نت إن جميع الجهات في العراق عليها التعاون والتكاتف لإكمال افتتاح هذه المدينة الاقتصادية، خاصة ما يتعلق بالإعفاءات الجمركية للمواد الأولية التي تدعم قطاع الصناعة العراقي، إضافة للدور المهم للجهاز المصرفي في تمويل المشروعات الصناعية العراقية.كما أكد ثغب أن المدينة ستحقق جدوى اقتصادية مرحلية، ترتفع نسبتها مع توسع المدينة واحتضانها صناعات جديدة ترفد السوق العراقية بالمنتجات، وبذلك توفر مبالغ مالية جيدة للموازنة الاتحادية، يمكن أن تخصص لاستيراد المواد ذاتها التي تصنع داخل المدينة، مؤكدا أهمية استنساخ تجربة مشروع المدينة الاقتصادية في محافظات أخرى من البلاد.يشار إلى أن البلدين كانا قد أنشأ عام 1981 الشركة العراقية الأردنية للصناعة، وبدأت عملها عام 1987، ومقرها بغداد ويتكون مجلس إدارتها من 8 أعضاء، 4 عراقيين و4 أردنيين، بدرجة وكيل وزير ومديرين عامين وخبراء، وللشركة جمعية عامة يترأسها عن الجانب العراقي وزير الصناعة والمعادن، وعن الجانب الأردني وزير الصناعة والتجارة والتموين.ويقول المدير العام للشركة المهندس عبد الغني آل جعفر للجزيرة نت إن الأردن يسعى للحصول على قرض أميركي لإنشاء المدينة الاقتصادية.وأضاف أن اجتماعا لمجلس إدارة الشركة سيعقد في محافظة السليمانية في إقليم كردستان الأربعاء المقبل، يتوقع خلاله الإعلان عن موعد العمل بالمدينة الاقتصادية بعد الحصول على كافة المعلومات من تمويل وميزات مشجعه للمستثمرين.وختم قائلا إن من الميزات التي ستقدم للمستثمرين من وزارات عراقية كالنفط والكهرباء مادتا الوقود والطاقة بأسعار مخفضة، إضافة إلى الإدخال الجمركي والإعفاءات الضريبة من وزارة المالية العراقية.أما من الجانب العراقي، فقد كشف رئيس هيئة المدن الصناعية عن عرض مشروع المدينة الاقتصادية كفرصة أمام الشركات الاستثمارية الأجنبية بعد إكمال دراسات الجدوى الاقتصادية الأولية.لا فائدة اقتصاديةويختلف الخبير الصناعي عقيل السعدي مع ثغب، إذ يرى عدم أهمية لتلك المدن الاقتصادية بين العراق والأردن، عادا إياها مجرد دعاية إعلامية وتحقيقا لغايات سياسية فقط.وحذر السعدي في حديثة للجزيرة نت من أن المدينة الاقتصادية بين العراق والأردن من شأنها أن تؤثر سلبا على اقتصاد العراق، وستكون فائدتها للجانب الأردني فقط من خلال جعل العراق مستوردا فقط ودخول بضائع أردنية من دون رسوم جمركية “وقتل للصناعة المحلية وعدم تصديرها”.وتساءل السعدي لماذا هناك سعي حكومي لافتتاح مدينة اقتصادية في الصحراء تبعد عن العاصمة مسافة 17 ساعة، فضلا عن وجود خلايا إرهابية نائمة في تلك المنطقة الحدودية التي تفتقر للبنى التحتية والطرق المؤهلة والكهرباء؟واقترح على السلطات الحكومية في بغداد افتتاح مدن اقتصادية داخل المحافظات العراقية، مشيرا إلى أن ذلك سيسهم في تنشيط السوق المحلية واستحداث فرص عمل جديدة بدلا من المناطق الحدودية الصحراوية.