تشكل الانتخابات النقابية مجرد عينة لفهم اتجاهات الرأي العام، لكن مع احتدام التوتر والوصول إلى العنف يمكن اعتبارها توطئة لحروب دامية اذا جرت الانتخابات النيابية، لذلك يجري التشكيك في اجرائها أو تطييرها وفق اهواء قوى الأمر الواقع.
لم يشهد لبنان في تاريخه مظاهر العنف والتحطيم داخل الانتخابات النقابية، كما لم يكن التدخل المباشر سمة في عمل الاحزاب والقوى السياسية بقدر الاتكال على المحازبين والحلفاء ، كون النقابات عموما ونقابات المهن الحرة على وجه الخصوص تشكل مرآة المجتمع واحدى أدوات التعبير الحقيقي عن المزاج الشعبي.
من هنا، كانت مستغربة وحتى مستنكرة الهجمات السلطوية على النقابات التي توافقت مع أساليب ميليشيوية كما حصل في انتخابات نقابة أطباء الأسنان كون نتائج التصويت أظهرت بوضوح الرفض العارم لقوى السلطة الحالية والميل نحو التغيير.
لذلك يشكك احد القادة الحزبيين في نوايا الطبقة السياسية السير في الانتخابات النيابية رغم الضغوط الخارجية و الشروط الدولية بعدم منح لبنان مساعدات اقتصادية عاجلة الا اذا تم الالتزام بإجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها.ووفق التجربة فإن الطبقة الحالية لا تقيم وزنا ولا تعير شأنا الا للحفاظ على مواقعها ومكاسبها وهي مستعدة لفعل اي شيئ مقابل الامساك بمفاصل السلطة وتمارس أعلى درجات الابتزاز السياسي مع شعبها. فما لا تحققه قوى سياسية بالضغط تسعى اليه بالبلطجة، و في حال المواجهة الشرسة فلا بأس من المس بالسلم الاهلي وتعريض الشارع لجوالات مسلحة كما حصل في الطيونة، و تداعيات الحادث لا تزال سارية، بل يجري تعميم هذا النموذج على القطاعات النقابية.
لذلك، تتزايد الشكوك حول إجراء الانتخابات النيابية واللجوء إلى العنف، كما تبرز مؤشرات تسعير الغرائز الطائفية والمذهبية في المرحلة المقبلة ، وهناك من لا يتواني عن نشر هذا “السرطان” في صفوف النقابات، فلا يمكن اغفال ما حصل في نقابة المحامين في طرابلس عبر كسر العرف الطائفي للمرة الأولى منذ تاسيس النقابة قبل مئة عام .
فقد قضى العرف باستقالة المرشح الخاسر لمقعد النقيب ، وفق المداورة كل سنتين بين المسلمين والمسيحيين ، من صفوف المجلس للمحافظة على المناصفة بين مقاعد المجلس (3 أعضاء مسيحيين و 3 اعضاء مسلمين)، لكن وعلى نحو مفاجئ رفض المحامي انطوان فضول الاستقالة من مجلس النقابة بعد فوز النقيب ماري تيريز القوال لتصبح الغلبة للمقاعد المسيحية 4 مقابل 3 للمسلمين، لعل الأخطر في الموضوع محاولة تسميم أجواء نقابات المهن الحرة التي تميزت بها طرابلس وكانت تؤام مثيلاتها في بيروت.
الانتخابات النقابية: مؤشر حروب الصناديق النيابية
