يسود انطباع عن التحرك المصري تجاه مثلث سوريا ولبنان َالأردن بكونه تعبيرا عن الإنكفاء الخليجي، في حين يدرك أصحاب الشان بأن مصر لم تقطع الصلة بالنظام السوري منذ اندلاع الازمة عام 2011 كما ظلت تتابع تقلبات الساحة اللبنانية وصولا حتى اللحظة الراهنة.
تبدو مصر عل الساحة الدولية كالمارد الذي استعاد عافيته ليفرض نفسه في شتى المجالات، فحركة الازدهار العمراني لا تنفصل عن خطة اقتصادية طموحة عمادها الأساسي الجيش المصري الذي قيل قديما عن قدراته العسكرية ” لا حرب من دون مصر ولا سلام من دون سوريا”.
بموازة ذالك، اثبتت الديبلوماسية المصرية كفاءة استثنائية بالتعاطي مع ملفات حساسة أبرزها قضية غزة المرتبطة بمعبر رفح الحدودي، فيما يؤكد البعض ان التنسيق الامني لم يتوقف مع سوريا بل زادت وتيرته لمتابعة انشطة المجموعات المتطرفة ، وهذا الجهد لا ينفصل عن التعاون التوثيق مع الخليج العربي و السعودية على وجه الخصوص.
هذه الأرضية، تستند عليها مصر خلال مهامها الجديدة لاتمام مصالحة الرئيس بشار الأسد مع الخليج العربي خلال قمة عربية يجري انضاجها بعيدا عن الاضواء، و الدخول على خط الازمة اللبنانية ومساعدة لبنان بما يلزم من أجل التعافي كضرورة ملحة لتأمين استقرار المنطقة ما يتيح استثمار مواردها الطبيعية من غاز و نفط و قدرات اقتصادية كبيرة.
في هذا المجال، تعمد مصادر روسية إلى توصيف الدور المصري بكونه كاسحة الغام واختراق للجدران الصلبة، وهي نجحت في الميدان السوري حيث حجزت لها دورا دون أن تنشر فرقة عسكري او تدعم فصيلا مسلحا. وتنوه المصادر المذكورة بعدة إنجازات سجلتها مصر في الملف السوري بصمت مطبق أبرزها على الإطلاق إدارة دفة التفاوض بين الأسد واقرانه والوصول إلى نتائج مرضية.
الملف اللبناني مختلف تماما، لذلك تقارب القاهرة المعالجة من زوايا متعددة أبرزها عدم الاصطدام مع إيران التي تبدو تمسكا بنفوذها غير المباشر من خلال حزب الله، فضلا عن مواكبة مفاوضات الحدود البحرية الجنوبية برعاية أميركية واضحة، حيث لا يمكن فصل استجرار الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن عن خطة متكاملة لإستثمار الطاقة على حوض المتوسط.
الايجابية التي لمسها الوفد اللبناني خلال الزيارة الأخيرة وسرعة بت الملفات المشتركة و اهمها تأمين الطاقة الكهربائية، تعكس رغبة مصرية في مساعدة لبنان في خطة التعافي الاقتصادي و التي لا يمكن تحقيقها دون مساندة خليجية يستلزم تأمينها شروطا عديدة من الجانب اللبناني.
هنا، يشدد مراقبون على مسؤولية تقع على عاتق الأطراف المحلية عبر تفضيل المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة ، فلبنان بات يستنزف اصدقاءه بشكل مجاني ما يزيد من تدحرج الواقع اللبناني صوب الاسفل ، كما يزيد من نفض اليد والتخلي عن لبنان ليغرق في أزماته الى حدود التلاشي.
عودة سوريا إلى الحضن العربي واستعادة لبنان عافيته
