“لا اخاف على لبنان، فعلى الرغم من كل السوداوية والظروف الصعبة يبقى ايماني هو الأقوى وايماني ثابت ومبني على الرجاء والقيامة، وفي الوقت المناسب ستحمل لنا الأيام المقبلة الكثير من السلام والآمان”.
بهذه الكلمات يبدأ الأب شارل صوايا حديثه مع “لبنان 24″، فالمخرج الذي تخلى عن الألوان والاضاءة والبهرجات منذ سنوات طويلة، يدرك ان الوان البلاد مالت نحو الرمادية واحوال الناس اقتربت من حافة الفقر والعوز والجوع.
لذلك يرى انه لا بد من ان يتحلى المسؤولون بالصدق ووعي الضمير حتى يتمكنوا من رؤية وجع شعبهم والامه.
ويخبر صوايا أن علاقته بطفل المذود انطلقت حين كان عمره 4 سنوات وامتدت حتى اليوم، فطفل المغارة هو سنده ورفيقه في ليالي هذه الحياة المظلمة والمقلقة.
أشعر دائما بالضعف
وعن مسيرته الكهنوتية وعلاقته الشخصية بالرب يسوع يقول صوايا: ” بعد كل هذه السنوات من الخدمة الكهنوتية يمكنني ان أؤكد انني راض كل الرضى عن قراري، فالتجارب العديدة التي مررت بها ما كانت الا مراحل تحضيرية لبلوغ مشيئة الرب في حياتي.
والرب هو من أراد لي أن انتقل من عالم الاعلام والفن الى عالمه وبيته وكنيسته، فهنا اسخّر قدراتي ومواهبي وتقنياتي لتجديد الرسالة ونشرها بالصوت والصورة.
لكن وعلى الرغم من حالة الرضى التي أعيشها، يتمحور السؤال الاهم حول مفهوم الاكتفاء، لأنه مع الرب يجب ان نبقى في حالة جهوزية تامة وان نشعر دائما بالضعف لكي يكون الرب هو مصدر قوتنا، وانا في كل يوم نفسي تتوق الى الرب وتتطلب المزيد منه”.
سموهم بأسمائهم
وعن احوال الناس وأزماتهم المتراكمة وأوجاعهم المختلفة يؤكد صوايا انه ” كمعظم الآباء أستمع الى معاناة الناس لا بل أراها في عيونهم وأستشعرها في كلامهم، وهذا ما دفعني الى التخلي عن وجودي في الرهبنة الكرملية والتوجه نحو الخدمة الرعوية ككاهن رعائي يعيش مع الجماعة وفي وسطها.
فالبابا فرنسيس في احدى عظاته طلب من المكرسين ان يستمعوا للناس ولآلامهم وان يسموهم باسمائهم، اي بمعنى آخر طلب اليهم الالتصاق الكبير بالناس.
وانطلاقا من هذه العظة وهذا الكلام كان قراري بالتخلي عن الحياة الديرية والتوجه نحو الناس، ونحو جمعية “كاريتاس” بشكل خاص، حيث، ومن خلال خدمتي كمرشد عام للجمعية، أكون على تماس يومي مع اوجاع الناس التي تشكل اوجاعا لنا أيضا، فكلنا اعضاء في جسد المسيح الواحد كما قال بولس الرسول.
وهنا لا بد لي من ان اتذكر مقولة السيد المسيح (كنت جائعا فأطعمتموني)، اتذكرها لأقول انني حين اساعد اي انسان اكون مع المسيح لانه يعيش في كل مشرد وفقير ومتألم
بعدنا عن المحبة جعل قلوبنا باردة
ولتفسير مفهوم الميلاد والبساطة والعودة الى الروحانيات يعود الكاهن شارل صوايا الى أولى التطويبات التي نادى بها السيد المسيح قائلا (طوبى لفقراء الروح) ويؤكد ان الميلاد هو الفقر الروحي والتجرد بكل ما للكلمة من معنى فالرب يسوع اخلى ذاته واتخذ ادنى الصور الممكنة عند الانسان وولد في مغارة متسخة ومظلمة وباردة.
وهذه المغارة هي قلب الانسان المتسخ بالخطيئة والمظلم بفقدان الأمل والباردة ببعده عن المحبة”.
ويضيف ” احبنا ربنا بصورة مجانية لذلك اتى الميلاد فقيرا وبسيطا وفي الوقت نفسه مليئا بالفرح والسعادة، لكننا ببعدنا عن سبب العيد وجوهره وتلهينا بالقشور وبكل ما هو حول العيد وطفل العيد ابتعدنا عن الفرح الحقيقي وعن السعادة التي لا مثيل لها، وقد تكون جائحة كورونا التي ترافقت مع الازمة الاقتصادية واحدة من الاسباب التي دفعتنا للعودة الى البساطة في كل مفاصل حياتنا”
البحث عن الحب والسعادة
ويشير صوايا الى ان” كل انسان يحاول البحث عن السعادة في الحياة، والسعادة القصوى نصل اليها حين نعلم ان هناك من يحبنا فنتمكن من ان نحب الآخر بدورنا.
وغالبا ما يشتري الانسان السعادة المزيفة في هذه الحياة عبر قيامة بأمور ترضيه وترضي رغباته، في حين ان سعادتنا الحقيقية تظهر في كوننا ابناء للرب.
ولهذا السبب،ولنسترجع بنوّتنا وندرك فعلا اننا ابناء لله المتجسد .
والمحبة تبقى دائما قادرة على انجاز العجائب، فان عدنا الى مضمون نص زكا العشار في الكتاب المقدس لادركنا أن كل ما فعله زكا كان نتيجة شعوره “بالحب والقبول”.