بعد اندلاع اشتباكات عنيفة استمرّت لساعات في مخيّم البداوي للاجئين الفلسطينيين، يحذر الأهالي اليوم من أيّ لحظة أو موقف قد يُدخلهم في “ليلة وضحاها” إلى أجواء من الهلع والتوتر الأمنيّ الذي تُحاول الفصائل الفلسطينية “على قدر المستطاع” الحدّ من تطوّر أحداثه بالتعاون مع القوى الأمنية اللبنانية.
وكانت قد اندلعت اشتباكات في المخيم خلال الساعات الماضية بين مسلّحين من عائلتيّ الصالح والسرحان، محدثة ضررًا كبيرًا بالسيارات والمنازل والمحلّات التجارية.
ووفق معطيات “لبنان الكبير” فإنّ “هذه الاشتباكات قد حدثت على خلفية خلافات بين العائلتين على ملكية المحلّات، مما أدّى إلى استخدام الأسلحة التي أدّت إلى حدوث عملية هرج ومرج في المخيم، لتتدخل الفصائل والقوى الأمنية لحلّ النزاع الذي أدخل الرعب في صفوف المواطنين الذين وقفوا ليتفرّجوا على هذه التطوّرات التي يراها المتابعون أنّها تضع أمن المخيّم والمناطق اللبنانية على كف عفريت، إن لم تُحلّ الأزمات التي يُواجهها المخيم”.
قد يكون هذا الإشكال الذي وقع بين العائلتيْن روتينيًا وعابرًا يُشبه ما يحدث خارج المخيم، لكن من يجول في مخيم البداوي كما غيره من مخيمات اللاجئين يُدرك أنّ الوضع الأمني والاقتصادي بات غير مريح على الإطلاق.
وعلى الرّغم من صعوبة الحياة اليومية، تبقى هذه المخيّمات أكثر أمانًا لأهلها خلافًا لمخيّمات قد تجد فيها ظواهر متشدّدة في بعض أجزائها أحيانًا كمخيم عين الحلوة مثلًا، والتي تحتاج إلى تضافر الجهود اللبنانية – الفلسطينية لتفادي أيّ تطوّرات تضرب أمنها وأمن المناطق المجاورة لها.
قنبلة موقوتة!
تُؤكّد المرجعيات الفلسطينية أنّ معادلة الخوف من أمن المخيّمات لا يجب ربطها باللاجئين الفلسطينيين فحسب، بل إنّ كلّ المناطق اللبنانية عرضة لأيّ تحرّك أمني قد يضربها بسبب تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في لبنان والتي تنعكس أيضا على الفلسطينيين مباشرة.
ويصف المعنيون في مخيم البداوي لـ “لبنان الكبير” الوضع بالمأساوي، لكنّه “لن يتطوّر ليُحدث خرقًا أمنيًا يبدأ من هذه المخيمات، بل سيكون الجميع بانتظار قنبلة موقوتة أو ما يُمكن تسميتها أيضًا بانفجار اجتماعي كردّ فعل على التردّي الاقتصادي الذي لم يكن لبنان اللاعب الوحيد فيه”.
ويقول القيادي في “الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين” أركان بدر لـ”لبنان الكبير”: “بعد إقدام وكالة الأونروا منذ أسبوع على تقليص بعض الجوانب المهمة في خدماتها مع عدم قيامها بواجباتها اللازمة، فضلًا عن الأزمات التي كنّا نواجهها بسبب التعاطي السلبي معنا من قبل الحكومات اللبنانية المتعاقبة، وغيرها من المشاكل التي ستفتح الباب أمام اعتصامات وتحرّكات احتجاجية في المخيم، وقد تصل أيضًا إلى إعلان العصيان المدني داخل المخيمات…”، مضيفًا: “إنّ الانفلات الأمني لا يجب أن يكتفي (للحدّ منه) بمعالجات أمنية فحسب أيّ من اللجنة الأمنية المشتركة، بل يجب أن تتعاون معها اللجنة الشعبية للقيام بدور فاعل وبصورة مستمرة لعلاج المشكلات الاجتماعية، المعيشية والأمنية”.
وإذْ يُشير إلى حرص المرجعية الفلسطينية على الأمن والاستقرار محلّيًا، يُؤكّد أنّ الذاتية الفلسطينية المتمثلة بالفصائل بحاجة لتكون أفضل وأن تضرب بيدّ من حديد كلّ من يعبث بأمن المخيمات في الفترة الأخيرة، “فلا مصلحة لأحد في هذه الظروف بدفع البلاد إلى المزيد من التوترات التي تضرب عرض الحائط كلّ ما يُمكنه تحسين ظروف العيش الصعبة في المخيمات”.