في العام 2019، أُدرجت بيروت ضمن لائحة “أفضل 10 مدن للسّهر حول العالم”، الّتي وضعتها شبكة “سي أن أن” الأميركيّة، وذلك وفقًا لثلاثة عوامل أساسيّة، وهي أن تكون المدينة مسلّية، أن تقدّم خيارات ترفيهيّة متعدّدة ومختلفة لزوّارها، وأن تكون فريدةً من نوعها.
وقالت “سي أن أن” وقتها، إنّ “الشّعب اللّبناني يُعرف بأنّه محبّ للحياة، ولا تبخل العاصمة بيروت بتوفير الأجواء الاحتفاليّة الّتي تلبّي احتياجات جميع الفئات العمريّة، وتناسب الأذواق المختلفة”.
لكن الأزمة الاقتصاديّة الّتي حلّت بلبنان منذ 2019، غيّرت كلّ المعادلات، وقضت على مختلف القطاعات الّتي تكافح للاستمرار، ومنها قطاع السّهر.
إقبال جنوني
هذا الكلام يؤكّده صاحب أحد أكبر النّوادي اللّيلية في لبنان، ويشير لـ”لبنان24″، إلى أنّ “خلال السّنوات الماضية، كان يتوافد روّاد السّهر بشكل يومي إلى الملاهي اللّيليّة، لكن بعد الأزمة الأخيرة، صار هناك موسم للسّهر، كموسم الصّيف أو خلال الأعياد، ويعني تحديدًا عندما يأتي السيّاح إلى البلد”.
ويضيف أنّ “نجاح قطاع السّهر اليوم، قائم على السيّاح والمغتربين اللّبنانيّين”، واصفًا الإقبال على السّهر خلال فترة الأعياد والعطلة بـ”الجنوني”.
لا نعمل للرّبح
من الطّبيعي أن يشتري أصحاب الملاهي اللّيليّة البضائع بالدّولار أو بحسب سعر صرف السّوق الموازية، كما سائر القطاعات، ما اضطرّهم إلى رفع أسعارهم، بشكل مدروس نوعًا ما ويناسب الزّبائن. إلّا أنّ صاحب أكبر النّوادي اللّيليّة يلفت إلى “أنّنا اليوم لا نعمل بهدف الرّبح، بل نعمل لنقول إنّنا مستمرّون وموجودون، بخاصّة أنّ لدينا اسمنا في السّوق سواء داخل لبنان أو خارجه”.
لبنان الأرخص
عن طريقة جذب السيّاح، يبيّن أنّ “للبرامج الفنيّة والأجواء الموسيقيّة أهميّة كبيرة، لكن ما يشكّل عامل جذب اليوم، هو فارق العملة بين اللّيرة اللّبنانيّة والدّولار، فأسعارنا منخفضة جدًّا بالنّسبة إلى السيّاح”. ويوضح أنّه “يمكن لـ4 أشخاص أن يسهروا ويشربوا ويرقصوا بتكلفة 100$، وهذا سعر جيّد جدًّا لمن يأتي من الخارج”.
لذا، يبدو أنّ لبنان سيحمل لقبًا جديدًا، وهو “أرخص بلد للسّهر حول العالم”، طبعًا بالنّسبة للسيّاح، لا للمقيمين في البلد.
ويذكر مسؤول في أحد النّوادي اللّيليّة في المتن، أنّ “الملهى لا يفرض Minimum Charge على الزّبائن، وكلّ شخص يدفع ثمن ما يطلبه، وهذا ما يرفع من نسبة إقبال النّاس، وتحديدًا اللّبنانيّين”.
مأزق “كورونا”
بين الحفاظ على القطاع، واتّخاذ الإجراءات الوقائيّة ضدّ فيروس “كورونا”، يقع أصحاب الملاهي اللّيليّة في مأزق، اذ لا يمكنهم الالتزام بنسبة الـ50 بالمئة من القدرة الاستيعابيّة، الّتي تفرضها لجنة “كورونا”، لأنّهم سيقعون بخسارة كبيرة، وفي الوقت نفسه لا يمكن للمسؤولين غضّ النّظر عن انتهاك الإجراءات الوقائيّة؛ الأمر الّذي يخلق مشاكل بين الطّرفين.
في هذا الإطار، تشدّد مصادر نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري، على “أهميّة الالتزام بالإجراءات الوقائيّة والتّباعد الاجتماعي، بما يحفظ صورة القطاع”.مار مخايل رمز السّهر
“نازل آخد كاس بمار مخايل”، عبارة كانت قد غابت بعد انفجار مرفأ بيروت، نتيجة الدّمار الكبير الّذي حلّ بالمنطقة، إلّا أنّ الأخيرة نفضت الغبار والدّمار عنها، وعادت لتفتح أبوابها أمام روّاد السّهر، الّذين يتهافتون إليها بشكل يومي.
لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الكثير من الأشخاص الذين يستغربون الاكتظاظ في أماكن السّهر، بظلّ الأزمة الاقتصاديّة اللّبنانيّة، يتناسون أنّ اللّبناني يحقّ له أن “يتنفّس” ويتخلّص من التوتّر، الّذي تخلقه أخبار هذا البلد والضغوطات اليوميّة.
المصدر:
لبنان 24