في مدوّنة على صفحته الفايسبوكية كتب أحد القضاة:” الواجب هو القانون الأعلى…وأنا خادم للدولة في منطقة معادية”.
من المعيب فعلاً أن تتحوّل العدلية، التي من المفترض أن تكون ميدان القضاء والقضاة حيث يرتفع ميزان العدالة، الى”منطقة معادية” بالنسبة الى عدد من القضاة، فالصدام السياسي يتفاعل قضائياً وعدّاد تعطيل التحقيق في جريمة إنفجار المرفأ يسجّل أياماً إضافية.
واذا كان ثمة من يتحدث عن خيوط تسوية هي قيد الحياكة في الكواليس، بعد تكدّس “رزمة دعاوى” ضد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لتنحيته عن الملف، فهناك من يجزم أن هذا الأمر لن يحصل وأن عودة البيطار الى مكتبه في قصر العدل باتت مرتقبة، بعد إنتهاء فترة الحجر بسبب إصابته مع أفراد عائلته بفيروس كورونا، علماً أن لا حق له راهناً بالإطلاع أو الردّ على المراسلات والإستنابات المتعلقة بملف المرفأ، سواء كانت داخلية أو خارجية، الى حين البتّ بطلب الرد”المزدوج الأبعاد” الذي تقدم به الوزيران علي حسن خليل وغازي زعيتر ضد المحقق العدلي من جهة، والقاضي ناجي عيد الناظر بطلب رد البيطار من جهة أخرى.
مصادر مطلعة في “العدلية” تؤكد أن هناك محاولات ناشطة لاصدار “مضبطة إتهام” تحمّل رئيس أعلى سلطة قضائية في لبنان أي القاضي سهيل عبود مسؤولية الإنقسام والفوضى القائمَين في العدلية، ومَن يقف وراء هذا الإتهام بدأ بالمجاهرة بأن سلوك عبود يبعث على الإرتياب من خلال ” التعمية” على المخالفات والأخطاء الجسيمة التي يرتكبها المحقق العدلي، وثمة من يذهب أبعد من ذلك فيتّهم عبود ” بممارسة سطوته على القضاة”، فيسمّي مَن هو مطواع منهم لنهجه وأدائه، ويستبعد مَن هو مشاكس أو معارض، بحسب المتضرّرين من سلوك عبود في مسار التحقيق، علماً بأنه ” لا يتدّخل في التحقيق ولا يمون على المحقق العدلي” كما أكد عبود بنفسه مراراً وتكراراً، وهي العبارة نفسها التي يردّدها بحرفيتها أيضاً مراراً وتكراراً وزير العدل القاضي هنري الخوري.
هي معركة “داحس والغبراء” بمفاعيل قضائية لتصفية حسابات سياسية، وفي الوقت المستقّطع بين إستحقاق وآخر مرتقب، يبدو أن كل إشارات السير أمام إصلاح وتغيير في العدلية مضاءة بالأحمر.