عاد الخلاف بين المالكين والمستأجرين إلى الواجهة، والنزاع هذه المرة من بوابة الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان، والتي كان من نتائجها عجز عدد كبير من المستأجرين عن الإيفاء ببدلات الإيجار المتفق عليها، وذهاب عدد من المالكين إلى المطالبة بتسديد بدلات الايجارات بالدولار الاميركي على أساس سعر السوق ” بحجة” ان الازمة الاقتصادية طالتهم أيضاً.
لا حلول قريبة
لا يرى عضو لجنة الادارة والعدل النيابية النائب بلال عبد الله، أي حل للمشكلة في الافق المنظور، وذلك نتيجة الحالة المالية والاقتصادية السيئة التي تعصف بلبنان في الوقت الحاضر، والتي كان من نتائجها افراغ قانون الايجارات الصادر عام 2014 ، والذي عدل عام 2017 من مضمونه، خاصة لجهة انشاء صندوق خاص للإيجارات السكنية يكون تابعاً لوزارة المالية، ويهدف إلى مساعدة المستأجرين الذي لا يتجاوز دخلهم الشهري ثلاثة اضعاف الحد الادنى للأجور. وذلك عن طريق دفع الزيادات كليا او جزئيا حسب الحالة.
النائب عبد الله سأل في حديثه لـ” لبنان 24″ كيف السبيل إلى تفعيل عمل هذا الصندوق في ظل دولة شبه مفلسة تقريباً؟ ورأى أن “الحل الاقرب للمنطق في ظل الظروف الحالية يكمن في إيجاد سياسية اسكانية جديدة من ضمن خطة التعافي الاقتصادي التي تعكف الحكومة على دراستها اليوم بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.
وعن الشكاوى التي تصل يومياً إلى القضاء من قبل المالكين بحق المستأجرين في ما يتعلق بتراكم بدلات الايجار، رأى النائب عبد الله أن الموضوع بات اليوم يلزمه مقاربة وطنية أكثر منها قضائية،رافضاً محاولات بعض المالكين الزام المستأجرين بالدفع بالدولار على أساس سعر صرف في السوق الموازية.الجميع متضررلا يستغرب كاسترو عبد الله المنسق العام للجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين في لبنان النزاع الحاصل اليوم بين المالكين والمستأجرين على خلفية التدهور في سعر صرف الليرة اللبنانية نتيجة الازمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان حالياً، وقال لـ”لبنان 24” :”كان من نتيجة الازمة الاقتصادية الحالية أن فقد المستأجرون قيمة أموالهم ورواتبهم التقاعدية بالليرة، فيما يفقد المالكون قيمة إيجاراتهم تدريجياً ، وأضاف:”هناك شقان للموضوع الشق الاول يتعلق بعقود الإيجارات القديمة، والذي يندرج تحت رقم 159/ 1992، ومعظم اصحاب هذه الإيجارات هم من كبار السن والمتقاعدين ، والذين يعانون اليوم معاناة مالية شديدة نتيجة الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار، واحتجاز اموالهم في المصارف بحيث باتت مداخليهم الشهرية بالكاد تكفي ثمن قوتهم اليومي.
أما الشق الثاني فهو الذي يتعلق بالقانون رقم 160/ 92 ، والذي أتى ليحرر عقود الايجار ويجعلها عقود استثمار لمدة ثلاث سنوات، وهذا الامر سجلنا اعتراضنا عليه منذ البداية، وقلنا عنه انه غير كاف لتأمين الاستقرار للمستأجرين “.الابتزاز مرفوضفي خضم هذا المشهد برزت أزمة جديدة زادت الوضع تعقيداُ، وهي ازمة العقود المدفوعة بالدولار، أو ما يعادلها بالعملة الوطنية ، والذي يحاول المالكون اليوم أن يفرضوا على المستأجرين تسديد قيمتها بحسب سعر الصرف في السوق الموازية، الامر الذي شكل تهديداً لحق السكن للكثير من اللبنانيين بفعل اختلال التناسب ما بين قيمة مداخيلهم بالليرة وبدلات الإيجار. “هذا الواقع هو واقع مرفوض من قبل المستأجرين ” بحسب كاسترو عبد الله ، والذي يصر على تمسك المستأجرين بتسديد بدل ايجاراتهم بحسب سعر الصرف الرسمي وهو 1500 ليرة لبنانية .كاسترو طالب في حديثه وزير العمل بالاسراع في اصدار مرسوم جوال بتصحيح الاجور، بحيث يصبح للمستأجر القدرة على زيادة بدل الايجار من دون ارهاق كبير على ميزانيته المرهقة اصلاً. وأضاف: “الازمة هي ازمة عامة وهي مسؤولية الدولة، والتي عليها اعتماد الأجر الاجتماعي، والاخذ بعين الاعتبار كل المتطلبات الاجتماعية للموظفين والاجراء، من تعليم وسكن واستشفاء وبدل نقل وغيرها من الامور الحياتية الاساسية.ودعا ايضاً إلى الحوار بين المالك والمستاجر وبين العامل ورب العمل للوصول إلى حل رضائي وأردف :”نحن كلجنة دفاع عن حقوق المستاجرين نمد يدنا للحوار كما نطالب بإيجاد قواسم مشتركة بين جميع الاطراف المعنية بالموضوع ، ولكن للأسف هناك من يرفض الحوار ويذهب للتصعيد عبر اللجوء للقضاء مطالباً باخلاء المأجور بحجة عدم الالتزام ببنود العقد والتخلف عن تسديد بدل الايجار، الامر الذي يضع المستأجر امام فكي كماشة اما الرضوخ لمطالب المالك أو الذهاب في رحلة بحث جديدة عن مسكن بإيجار أقل ومالك لا يشترط الدفع بالدولار.”الظلم على الجميع
سؤال يطرح نفسه اليوم هل أن الغبن واقع فقط على المستأجر، أم انه يطال المالك ايضاً. يجيب كاسترو عبد الله “نحن لا ننكر ان هناك خسارة أيضا للمالك من جراء انهيار سعر الصرف، ولكن مع ذلك تبقى هذه الخسارة مضبوطة اذا ما قورنت بخسارة المستأجر، وعليه فإن الحديث عن “غبن” لاحق بمالكي هذه العقارات، يقابله تشريد لالاف المسنين في الشوارع من دون مأوى، ومن دون تامين المسكن البديل.
عبد الله كشف ايضا عن ظهور نوع جديد من المالكين اليوم ، وهم يصرون على اسكان المستأجر من دون ابرام عقد، عدا عن اصرارهم على تقاضي بدل الايجار بالدولار الاميركي، واصفاً هذا التصرف بإنه تصرف بلطجية وسماسرة، ودعا المستأجرين إلى عدم الخضوع إلى هذا الابتزاز، وقال: “الحل هو بالتوصل إلى عقد اجتماعي جديد، متهما بعض الشركات العقارية والمصارف بالوقوف وراء هذا الابتزاز الخطير”.الحل بالجدولةمصدر مطلع دعا في اتصال مع “لبنان 24” إلى الذهاب إلى عمق المشكلة مطالباً الدولة بوضع خطة سكنية جديدة، وبإصدار قوانين ومراسيم تنظّم العلاقة بين الطرفين، بما يضمن مصالحهما، معتبراً ان حق السكن حق مقدس كفله الدستور وشرعة حقوق الانسان. ورأى ان الظلم واقع على الجميع ، داعياً إلى إعادة جدولة لعقود الإيجار كحل يتناسب مع الظروف الحالية.