كتب غسان ريفي في “سفير الشمال”: عندما قرر أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله في إطلالته التلفزيونية الأخيرة تأجيل المصارحة مع “التيار الوطني الحر”، بما في ذلك مناقشة مواقف النائب جبران باسيل الذي إستهدف الحزب بشكل غير مسبوق وفي أكثر من مناسبة، كان ذلك بحسب التحليلات والاجتهادات لسببين رئيسيين، الأول توجيه رسالة إنزعاج لباسيل للكف عن الاستثمار في الاختلاف ببعض وجهات النظر وإخراجها الى العلن لاستمالة الشارع المسيحي، والثاني عدم الرغبة في الخوض بتفاصيل التحالف وبنود تفاهم مار مخايل على الساخن أو في ظل التشنجات التي تسببت بها مواقف باسيل لدى جمهور المقاومة.
وتشير المعلومات في هذا الاطار، الى أن تواصلا حصل بين “حزب الله” وباسيل بهدف التخفيف من التوتر القائم، لكن الأمور لم تصل الى خواتيم سعيدة حتى الآن، خصوصا في ظل الأزمة التي يواجهها باسيل على المستوى الشعبي، حيث تؤكد المعلومات أن التقارير التي تصله تباعا تبين بالأرقام هذا التراجع المعطوف على فقدان باسيل للحليف المسيحي الذي من شأنه أن يدعم لائحته بالأصوات لتأمين الحواصل المطلوبة، فضلا عن خسارته كتلة الأصوات السنية الوازنة التي جُيّرت له في دائرة الشمال الثالثة في العام 2018 بفعل تحالفه مع الرئيس سعد الحريري، ما من شأنه أن يضاعف من حجم الأزمة التي بدأت تتحول الى وجودية.
ربما يأخذ باسيل على “حزب الله” عدم قدرته على إعادة وصل ما إنقطع بينه وبين تيار “المردة”، حيث كان موقف سليمان فرنجية حاسما على خطين، الأول عدم المشاركة في الحوار وتفويت الفرصة على باسيل للتواجد على الطاولة والاستفادة من الحيوية السياسية التي يمكن أن تحصل، والثاني، تذكير فرنجية بمواقف رئيس التيار البرتقالي السابقة، بقوله: “كيف يمكن لباسيل أن يتحالف مع فاسدين؟”. بالرغم من المآخذ الكثيرة لـ”حزب الله” على باسيل والتي تمتد بحسب مطلعين الى فترات سابقة حاول خلالها رئيس التيار الدخول في تحالفات لا تتناسب مع بيئة حليفه الأول، وطرح مواقف سياسية وشعارات طائفية مستفزة من دون الأخذ بعين الاعتبار الحساسية التي يمكن أن يتسبب بها لـ”حزب الله” الذي لطالما غضّ النظر عن “سقطات” باسيل باعتبار أنه لا يزال الشريك الأفضل مسيحيا وأن التحالف معه يساهم في تعزيز جسور التواصل بين مكونيين أساسيين في لبنان، ومؤخرا مساعدته على إستعادة توازنه الذي إهتز بفعل التطورات الأخيرة.
يبدو واضحا أن باسيل ماض في سلوكه السياسي الاستفزازي مع “حزب الله”، حيث جاءت محاولته لخطب ودّ “القوات اللبنانية” بعد إجتماع تكتل لبنان القوي أمس والدعوة الى الاتفاق الدائم معها، بمثابة رد على “حزب الله” لعدم ممارسته الضغط على فرنجية لتجديد التحالف معه، حيث تحدث باسيل بلغة طائفية لإحراج القوات أمام الشارع المسيحي ودفعها الى التعاون مع “التيار الوطني الحر” في الثوابت والاستراتيجيات لا سيما ما يتعلق باللامركزية الادارية والمالية الموسعة التي تحولت الى مادة خلافية بين اللبنانيين كونها تتناقض مع إتفاق الطائف، فضلا عن تحذير القوات من التخلي عن هذه الاستراتيجيات ودعوتها الى أن تتعلم من تجربة العام 1990. لا شك في أن عدم تعاطي القوات مع مواقف باسيل لا سلبا ولا إيجابا، يدل على لامبالاة تجاه ما قاله، في حين لاحظت مصادر مقربة من القوات أن باسيل يتعاطى معها على قاعدة “غب الطلب”، حيث شارك في تفاهم معراب لايصال الجنرال ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، ثم حاول إستخدامها لاختزال المسيحيين والحصول على المكاسب، واليوم يحاول خطب ودّها للخروج من أزمته الانتخابية، لافتة الانتباه الى أن مواقف باسيل تدل على حالة من إنعدام الوزن. أمام هذا الواقع، يبدو أن إستمرار باسيل في اتخاذ هذه المواقف قد تؤدي الى تعميق الهوة بينه وبين “حزب الله”، خصوصا أنه حتما لن يربح القوات، لكنه قد يخسر “حزب الله”!..