وإكتمل “نُقُل العدليات بزعرور الإعتكافات”، تيمناً بالمثل الشعبي القائل “إكتمل النقل بالزعرور”، في إشارة الى تحميل ونقل الفلاح للخضار والفاكهة ونسيانه الدائم لثمار الزعرور لعدم إهميته الغذائية.
آخر الإعتكافات سجّله قبل يومين ” محامو الدولة اللبنانية”، إعتراضاً على تدني قيمة أجرهم الشهري البالغ مليوني ليرة، يُشكل بدل الإنتقال ثلثه، معطوفاً على إستياء لعدم إستفادتهم من المساعدة الإجتماعية التي أُعطيت لموظفي الإدارة العامة، وزيادة بدل النقل من 8 الآف الى 65 ألف ليرة.
محامو الدولة، سواء كانت مدّعية أم مدّعى عليها، يناهز عددهم السبعين تلجأ اليهم الدولة ضمن إطار ما يُسمى ب”عقد الوكالة” الممهور بتوقيع وزير العدل، لمتابعة النزاعات التي تُحلّ عن طريق التحكيم، كما النزاعات أمام المحاكم العدلية والإدارية وسائر الهيئات ذات الصفة القضائية، وهم يعملون تحت إشراف رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر التي أوضحت في بيان، أنها رفعت كتاب مطالبهم الى كل “من فخامة رئيس الجمهورية، ودولة رئيس مجلس الوزراء ووزيري العدل والمالية”، مقترحة إفادتهم من المساعدة الإجتماعية وزيادة أجرهم الشهري وبدل النقل، ” بسبب ما يتكبدونه من نفقات أثناء ممارسة مهامهم في الدفاع عن مصالح الدولة اللبنانية” كما ورد في حرفية البيان.
اللافت في الموضوع أن غياب هؤلاء المحامين “المغيّبين أصلاً عن دائرة الضوء” سيجمّد حتماً كل الدعاوى المقدّمة من المواطنين المتضرّرين من الدولة أمام المحاكم العدلية، ما يعني المسّ المباشر بأمور حياتية ملحّة بالنسبة الى هؤلاء المواطنين، وما يعني أيضاً عرقلة و” شربكة” إضافية للمرفق القضائي ” يللي مش ناقصو”.
بالمقابل هناك من يلحظ أن الدولة، بخلافاتها ونزاعاتها مع الأفراد والمؤسسات والهيئات، لا تحتاج الى هذا العدد من المحامين للدفاع عنها، كما يؤكد مصدر حقوقي، معتبراً أن نصف العدد الحالي كافٍ ” وبزيادة”، وأن عددهم المرتفع نسبياً يعود الى محسوبيات سياسية وحزبية وطائفية، بحيث يتوافر لكل حزب أو جهة سياسية أو طائفة ” محامي دولة من دائرتها اللصيقة وفق مسار التنفيعات الوظائفية على حساب خزينة الدولة، علماً أن مجموع ما يتقاضاه محامو الدولة يقارب المليار و 700 مليون ليرة، يُضاف اليها تكلفة غير محدّدة لمحامين ” باب أول” يتولون قضايا تتّسم بأهمية بالغة.
ويختم المصدر الحقوقي بالإشارة الى أن المحامين يتقاضون أتعاباً تمثل نسبة مئوية من المبالغ التي يتوصلون الى تخفيضها من أصل المبالغ التي تطالب بها الجهة المدّعية على الدولة.
في غياب المدافعين عن الدولة ومصالحها، وبالتالي عن مصالح المواطنين، يبقى الدعاء أن تُفك عقدة خصومة الدولة مع نفسها والنزاعات بين أقطابها …والباقي يهون.