ينتَظر اللبنانيون “إثنين الحسم” وما سيحمل معه من توجّهات حازمة سيتّخذها الرئيس سعد الحريري على صعيد مقاربته لخوض استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة، في وقت تتشبّث نداءات الناس وهتافاتهم بمبايعة زعيم تيار “المستقبل”، كما تُرجم أمس في ظلّ الوفود الجماهيرية التي حضرت إلى “بيت الوسط” واختصرت الساحات من عكار إلى أبعد قرية مؤيّدة للتوجّهات “الحريريّة” على امتداد مساحة لبنان.
وقد لاقى الحريري الحشود الغفيرة بعبارة “هذا البيت سيبقى مفتوحاً لكم ولكل اللبنانيين. رفيق الحريري لم يستشهد لكي نغلق بيتنا… وأنا أفديكم بالروح وبالدم”، بما تحمل من دلالات سياسية ووطنية وإشارات واضحة إلى ما ستتضمنّه الكلمة المرتقبة اليوم الاثنين بعد اجتماعٍ سيعقده رئيس “المستقبل” مع كتلته النيابية.
ولفت الحريري إلى أنه “يعلم أن هذه الأيام صعبة.
أشكركم على مشاعركم وعلى وجودكم. أنا سمعتكم اليوم وأريد منكم أن تستمعوا إلى ما سأقوله غداً، لأنني سأعود وأؤكّد لكم أن هذا البيت لن يُقفل”.
وأشارت معطيات “متابعة” أن الحريري سيؤكد في كلمته على قراره الذي اتخذه بالعزوف عن خوض استحقاق الانتخابات النيابية وسيشرح الأسباب والظروف التي دفعته إلى اتخاذ هذا القرار.
وسيعرّج على واقع الأوضاع السياسية في البلاد والمسار التعطيلي الذي شهده لبنان على مدى سنوات، بما منع تحقيق المشروع الاصلاحي الذي طمحت إليه حكوماته. وتذكّر مصادر بارزة في تيار “المستقبل” هنا، بأن المنحى الانحداري المتدحرج الذي وصل إليه لبنان، كان بدأ مع استقالة وزراء محور 8 آذار من الحكومة عام 2011 بتوقيت اللقاء المنتظر بين الرئيس الحريري والرئيس باراك أوباما.
ودخل الحريري إلى الاجتماع رئيساً للحكومة حينذاك وخرج منه رئيس حكومة تصريف أعمال مستقيلة.
وكانت الساعات الثماني والأربعون الماضية قد شهدت محاولات حثيثة لإقناع الحريري بالتريّث في اتخاذ قرار العزوف وحضّه على خوض الانتخابات والترشح، بما شمل “أصدقاءه” رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي التقاه السبت، ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي التقاه أمس في “عين التينة”.
وهناك نوع من التأسّف الذي شهدته الأجواء السياسية حيال توجه الحريري على الرغم من انه لن يشمل الانسحاب من السياسة، لكن أوساطا سياسية مواكبة للقاءات الحريري مع المرجعيات السياسية بقيت متمسكة بهواجسها لما يشكله من قامة وطنية.
ولفتت معطيات متابعة أن انسحاب الحريري الانتخابي يندرج بشكل أو بآخر في التمهيد لدخول “دم جديد” الى الندوة البرلمانية بما يتقارب مع مقاربة الرئيس تمام سلام، خصوصاً أنه كان أوّل من لبى نداء انتفاضة 17 تشرين بالاستقالة الحكومية.
وعُلم أن هناك مشاورات مستمرة حول امكان دعم رؤساء الحكومات مجتمعين لشخصيات تشكل جديداً ستترشّح إلى الانتخابات.
لكن هذه الخطوة تبقى قيد البحث من دون الوصول إلى قرار نهائي لجهة اتخاذها من عدمها. وستكون مدار بحث بين رؤساء الحكومة في المرحلة المقبلة، بمن فيهم الرئيس الحريري.
وهناك من يربط بين هذه الخطوة والبيان الصادر عن المقاصد والممهّد للتأكيد على ان الطائفة السنية ولّادة للكفايات والوجوه القادرة والمؤهلة لدخول الندوة البرلمانية.
ولم يتشارك أهمية الأحداث أمس مع انتظار قرار الحريري سوى زيارة وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، الذي عقد لقاءات شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وأكد الصباح من “عين التينة أن “بلاده لم ترشّح أحداً لمنصب السفير في لبنان، مشيراً إلى ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية”. ولفت إلى “أننا لن نتدخّل في الشؤون اللبنانية حول دور حزب الله”.
وشملت لقاءاته وزير الداخلية بسام المولوي، حيث أكد الصباح على ضرورة “ألّا يكون لبنان أداة تُستخدم للإساءة إلى دول الخليج من قبل بعض الأفرقاء”.
وقال: “طلبنا آليات لضمان عدم مرور الشحنات إلى الكويت والمنطقة وعلى السلطات اللبنانية إجراء ذلك لإعادة الثقة”.
كما التقى الصباح رئيس الجمهورية ميشال عون الذي أكد على “ترحيب لبنان بأيّ تحرّك عربي من شأنه إعادة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول الخليج العربي، انطلاقاً من حرص لبناني ثابت على المحافظة على أفضل العلاقات بين لبنان والدول العربية”.
وأشار عون للصباح إلى “التزام لبنان تطبيق اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية والقرارات العربية ذات الصلة”.
واعتبر عون أن “الأفكار التي وردت في المذكرة التي سلّمها الوزير الكويتي ستكون موضع تشاور لإعلان الموقف المناسب منها”.
وشدّد على “متانة العلاقات اللبنانية – الكويتية وشكر لبنان رئيساً وشعباً على وقوف الكويت دائماً إلى جانب لبنان في مختلف الظروف الصعبة التي مر بها، إضافة إلى رعاية اللبنانيين المقيمين في بلدهم الثاني الكويت”.
انتخابيا، أعلن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “إعادة ترشيح النائب جورج عقيص عن المقعد الكاثوليكي في زحلة”.
وأكد جعجع أن “القوات تتواصل في زحلة مع بعض الشخصيات المستقلّة من أجل تكوين لائحة سياديّة بامتياز وتغييريّة بامتياز وضدّ الفساد وقادرة على وضع الجهد اللازم من أجل بناء الدولة التي نطمح إليها”.
وأشار إلى أننا “لا نخوض أبداً هذه الانتخابات على أساس الحصول على نائب من هنا وآخر من هناك، فهذه الانتخابات مصيريّة باعتبار أنه في ضوء نتائجها سيتحدد ما إذا كان لبنان سيستمر على النحو الذي هو عليه اليوم، أيّ نحو القعر أكثر وأكثر وأكثر، أو أن هذا التدهور سيتوقف لتبدأ عمليّة الإنقاذ المنشودة”.