كتبت كلير شكر في” نداء الوطن”: بيان وزارة الخارجية الفرنسية جاء لافتاً في مضمونه، حيث اعتبرت أن «قرار الحريري تَرْك الحياة السياسية يعود إليه، وتؤكد باريس احترامها هذا القرار»، مضيفة أن «قراره يجب ألاّ يؤثّر في تنظيم الانتخابات التشريعية في موعدها، منتصف أيار المقبل».وهذا ما يعني أنّ باريس لا تزال مصرّة على اجراء الاستحقاق في موعده حتى لو غادر «المستقبليون» المشهدية الانتخابية على نحو قد يدفع إلى اثارة مسألة ميثاقية الانتخابات. ما يعني أيضاً أنّ الادارة الفرنسية تحاول التأكيد، ولو بالمواربة أنّ هذا التطور النوعي في الأحداث الداخلية لا يفترض أن يشكل عائقاً أمام المسار السياسي، ولا يفترض أن يؤدي تنحي الحريري إلى اعتكاف كل فريقه السياسي أو الطائفة السنية بأكملها، واستطراداً استعادة شريط مقاطعة المسيحيين في العام 1992، ولكن هذه المرّة من جانب أبناء الطائفة السنية. وبالتالي، تبدي فرنسا حرصها على اجراء الانتخابات في موعدها، وبيان خارجيتها إشارة جديدة ترفع من فرص فتح صناديق الاقتراع في شهر أيار المقبل.
هناك من يتحدث على سبيل المثال عن اندفاعة غربية باتجاه ترشيح السفير نواف سلام في بيروت، لا سيما بعد انكفاء تمام سلام، وهو ابن عائلة سياسية عريقة لها تاريخها السياسي، وبالتالي يمكنه أن يقود لائحة العاصمة بدلاً من الحريري، لتكوين موجة تأييد سياسي في الشارعين السني والمسيحي، ما يسمح له بتشكيل حالة بديلة قادرة على ملء جزء من الفراغ الذي سببه غياب رئيس «تيار المستقبل».بالتوازي، يقول متابعون إنّ محطة 14 شباط ستتسم بأهمية استثنائية لكونها ستعطي مؤشراً اضافياً توضيحياً لموقف الحريري بالتنحي، بمعنى أنّ الأسلوب الذي سيعتمده رئيس الحكومة السابق سيساعد على بلورة معالم المرحلة المقبلة، وقد تجيب على بعض التساؤلات: هل انّ تنحي الحريري هو انكفاء شامل أم هو مجرد خطوة إلى الوراء قبل أن يخطو إلى الأمام؟ هل هي المقاطعة الشاملة؟ أم هي ابتعاد نسبي؟ هل سيكون خطيباً من بيروت أم عبر الشاشة؟ وكلها مؤشرات لها دلالاتها بنظر المتابعين.
ويكشف هؤلاء ان الحريري وجّه خلال الساعات الماضية رسائل صوتية لمنسقيات «تيار المستقبل» طالبهم فيها بالابقاء على حالة الفعالية والنشاط، لكي لا يكونوا أسرى الإحباط العام نتيجة ابتعاده. وهذا ما يزيد من غموض قراره وكيفية ترجمته.