مطامع إيران في الأردن: تغيّر الأفعى جلدها ولا تغيّر طبعها

29 يناير 2022
مطامع إيران في الأردن: تغيّر الأفعى جلدها ولا تغيّر طبعها
أحمد عدنان
أحمد عدنان

في سنتي 2016 و2017، هاجم بشار الأسد المملكة الاردنية الهاشمية من خلال وكالة الأنباء الروسية زاعما أن لديه معلومات أن الاردن ينوي احتلال جنوب سوريا بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، وانه في حال حصل ذلك فهو سيتعامل مع الاردن كأرض لا كدولة.

وفي المرحلة عينها، هاجمت ميليشيا حزب الله الإرهابية المملكة الاردنية على لسان الأمين العام حسن نصر الله وغيره في صفاقة نادرة متهمة الاردن بدعم الإرهاب، وكذلك فعلت وزارة الخارجية الإيرانية على لسان الناطق باسمها، وكان سبب سعار محور الممانعة على الاردن مناورة عسكرية “الأسد المتأهب” وتصريحات العاهل الاردني لصحيفة واشنطن بوست.

مرت السنوات على هذه التصريحات، وحاول الأردنيون طرح مقاربة جديدة للتعامل مع بشار الأسد، لكن المفاجأة جاءت من محور الممانعة الإرهابي، إذ يقول الخبر في 27 كانون الثاني 2022 الذي بثته قناة “العربية – الحدث” ان الجيش الاردني الباسل يخوض معارك يومية ضد ميليشيات إيرانية منظمة، وعلى رأسها ميليشيا حزب الله، تستهدف تهريب المخدرات من البقاع (لبنان) وسوريا الى دول الخليج عبر الأراضي الأردنية في ظل غياب تام للجيش السوري على الحدود، وقد أسفرت الاشتباكات عن مقتل 27 مهربا ولله الحمد.

لا يمكن قراءة هذا الخبر بمعزل عن معطيات سابقة وراهنة جديرة بالتأمل والدرس:

– كان العاهل الأردني أول من تنبّه لمشروع “الهلال الشيعي” وحذر من خطورته وتداعياته في 2005.

– من خلال تصريحات سابقة للأسد ولحزب الله ولايران، ينظر محور الممانعة الى الاردن “كأرض لا كدولة”، وانها ثغرة يمكن ان تشكل ارتكازا لقطع اتصال الهلال الايراني.

– إن تفكير بعض الدول العربية بالاتفتاح على الأسد والتصالح معه، اوحى لمحور الممانعة بأنه نجح في إخضاع السوريين والعرب، وبالتالي لا بد من من استكمال الهلال الفارسي واتخاذ الاردن كجسر لاستهداف دول الخليج بالمخدرات أولا وبالإرهاب تاليا.

– ان الدولة الاردنية بمؤسساتها وجيشها مستعدة ومؤهلة للتعامل مع هذه التطورات على مستوى اليقظة والجاهزية والكفاءة.

– ان تحركات محور ايران لاستهداف الاردن والخليج تتم بعلم بشار الأسد وروسيا، وان التمييز بين الاطراف الثلاثة لا محل له على ارض الواقع.

– إن تبرئة نظام الأسد عن استهداف دول الخليج بالمخدرات يجافي المعطيات والوقائع القائمة منذ عقود، فهذه التجارة المسمومة قائمة على ركيزتين متكافلتين ومتكاملتين: نظام الأسد والميليشيات المتأيرنة.

هذه النقاط ليست دعوة للتضامن مع الاردن فحسب، بل دعوة لتكاتف العرب جميعا ضد إيران وعملائها وميليشياتها ومحورها من أوله لآخره، ويخطئ البعض بالظن ان المعاملة بالحسنى تجدي مع هذا المحور البغيض الذي يظن الإحسان ضعفا عن جهالة واستكبار، ففي الشهر المنصرم حاول مستشار الامن الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد فتح ثغرة في جدار طهران، فحاول الايرانيون استهداف ابو ظبي بالصواريخ، وفي تشرين الاول الماضي بكل صفاء وحسن نية حاول الأردنيون صياغة تعامل جديد مع الأسد، فجاء الرد بالميليشيات وبالمهربين، والتصور أن نجاح مفاوضات فيينا سيحسّن السلوك الإيراني في المنطقة محض وهم، فما لم ينجح في زمن أوباما لن ينجح قطعا وحكما وحتما في زمن بايدن.

قد تكون الظروف الراهنة مواتية لوحدة العرب ضد إيران ومن والاها، ومن اهمها:

– ليس العرب وحدهم هم المتضررون من الانفلاش الايراني في المنطقة.

– إن الظروف الداخلية في إيران، وفي مرابع الميليشيات المتأيرنة، ليست في أفضل حال، لكنها – إلى الآن – لم تستثمر على الوجه الامثل وفق قاعدة: لا تدع عدوك هانئا في فراشه.

– قد يؤدي التوتر الأميركي – الروسي بلا قصد إلى خلق مناخات مواتية في المنطقة لاستهداف محور الممانعة في خواصره الرخوة، فلا يعقل ان تعاقب الولايات المتحدة روسيا وتكافئ حلفاءها.

– إن التقدم السعودي في اليمن سيشكل في نهايته نموذجا يقتدى في غير مكان.

– ان توسع محور الممانعة في تطاوله على الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة انقلب عليه سياسيا في الغرب.

إن إقامة الهلال الشيعي / الفارسي / الايراني وحكم الأقليات ليس هدفا بحد ذاته، فالهدف هو ما رأيناه في العراق واليمن وسوريا ولبنان، أي الرقص على انقاض الدول العربية ودماء العرب والسنّة، ومع هذه العقلية العقائدية المريضة لم ينجح سوى تعامل ادارة دونالد ترامب بسياسة الضغط الأقصى، وسياسة المملكة العربية السعودية في اليمن بالضرب على الرأس. ليس مصادفة ان تحاول إيران التسلل عبر الاردن شمالا في ظل تقهقر ادواتها الحوثية جنوبا، فالهدف النهائي للإيرانيين هو ضرب السعودية لتستقيم لها قناة العرب والمسلمين، وهو حلم مستحيل المنال، كما ان الايرانيين غفلوا عن ان ما سيلاقونه في الاردن ومنه أصعب واقسى من متاعبهم في اليمن.

يمكن القول في الخلاصة ان التضامن اليوم مع الدولة الاردنية – وشعوب العراق وسوريا ولبنان واليمن – ودعمها في تصديها للجماعات الايرانية هو واجب وضرورة، واجب بحكم الاخوة العربية الجامعة، وضرورة لإكمال طوق المواجهة مع المشروع العدواني الايراني، فالمعركة واحدة لأن العدو واحد والخطر واحد والمصير واحد، والعاقبة للمتّقين.

المصدر لبنان الكبير