مع بداية الأزمة الاقتصادية الجديدة التي يتلقف آثارها اللبنانيون، والتي بدأت أواخر 2019 ومستمرة حتى اللحظة، لم يكن يدرك المواطنون حجم التغييرات التي ستطرأ على الاقتصاد اللبناني ومالية الدولة. ومع ارتفاع سعر صرف الدولار شيئًا فشيئًا ووصوله إلى مستويات قياسية، أصبح عدد من الإجراءات القاسية أمرًا حتميًّا.
الدولار الجمركي أحد الأمور التي لم يكن الكثير يلتفت إليها إلى أن أصبح تعديله مع اشتداد الأزمة مسألة حتمية ستنفذ عاجلًا أم آجلًا، ومنذ يومين بدأ مجلس الوزراء مناقشة البند ١٣٣ من الموازنة المتعلق بالدولار الجمركي مع ما قد يحمله من إيجابيات وسلبيات.
الخبير الاقتصادي د.باتريك مارديني أشار إلى أن “هناك محاولة من قبل الدولة اللبنانية للخروج من أسعار الصرف المتعددة وهنا تم الدخول بموضوع الدولار الجمركي والذي يتم الحديث اليوم على أن احتسابه سيكون على أساس سعر منصة صيرفة”.
ولفت مارديني لـ”لبنان 24″ إلى أن هناك إيجابيات تكمن في موضوع الدولار الجمركي أولها يتمثل بالقرب من توحيد سعر صرف الدولار وثانيها بمحاولة حصول الدولة على إيرادات أكثر”.
أما سلبيات الدولار الجمركي فهي عديدة وفق مارديني، إذ أشار إلى أن “لبنان لديه تعقيدات جمركية عديدة وهناك كلفة مرتفعة في الجمارك بالأخص أنه يوجد “برطلة” في الاستيراد والتصدير”، لافتًا إلى أنه “بالإضافة إلى زيادة سعر الصرف الجمركي تم وضع 10% تعرفة جمركية على كل السلع التي تستورد ولديها بديل في لبنان و 3% على كل المستوردات المتبقية، فإذاً هناك زيادة لنسب الضرائب الموجودة”.
وأوضح مارديني أن “هذا الأمر ستكون نتيجته سلبية إذ إنه في ظل الحال المتعارف عليها في لبنان التي تتمثل بتهرب جمركي كبير جدًّأ فإن من يقوم باستيراد بضائعه بطريقة قانونية سيعتمد كما يقوم غيره على التهريب الجمركي، أما من يقوم بالتهريب فلا يتضرر، ولذلك هناك تحفيز نوعاً ما على التهريب الجمركي”، ولو كان ذلك بشكل غير مقصود ومباشر.
وأضاف: “هناك فرضية أخرى تنتج عن رفع سعر صرف الدولار الجمركي وهي أن يقوم بعض التجار بإنهاء أعمالهم في لبنان والسفر إلى خارج البلاد، لذلك من الممكن أن تكون نتيجة الدولار الجمركي عكسية ولا تحقق الإيرادات التي تتوقعها الدولة بسبب تصغير الدائرة الجمركية”.
هل يعني ارتفاع الضرائب الجمركية او ارتفاع سعر صرف الدولار الجمركي زيادة تلقائية بسعر الليرة الرسمي؟
وفي ظل الاتفاق على رفع سعر صرف الدولار الجمركي، بدأ يتوارد إلى الأذهان رفع سعر صرف الليرة الرسمي، وهنا أشار مارديني إلى أن “هناك اتجاهًا لتعديل سعر صرف الليرة الرسمي إذ تم الحديث بداية عن رفعه إلى 8 آلاف ليرة للدولار الواحد ومن ثم تم الحديث عن إمكانية رفعه ليصبح على سعر منصة صيرفة”، مشيرًا إلى أن “الأكيد أن تعديل الدولار الجمركي يهيء الجو لتعديل سعر صرف الليرة الرسمي والخطوتان غير مرتبطتين ببعضهما البعض مع حتمية رفع سعر صرف الليرة الرسمي في وقت لاحق”.