“عدّ عكسيّ” للانتخابات.. باسيل يعيد “تموضعه” بجانب “حزب الله”؟!

2 فبراير 2022
“عدّ عكسيّ” للانتخابات.. باسيل يعيد “تموضعه” بجانب “حزب الله”؟!

حتى الآن، لم يعلّق الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله على مواقف “حليفه” رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل “التصعيديّة” في وجهه مطلع العام. فرغم أنّ نصر الله أطلّ بعد 24 ساعة فقط على تلويح باسيل بفكّ التفاهم معه، إلا أنّه اعتبر أنّ “المناسبة” لا تصلح للتعليق، مرجئًا الأمر لإطلالات أخرى.
 
مرّ شهر كامل لم يكسر فيها السيد نصر الله صمته هذا، حتى إنّ مقابلة تلفزيونية كانت مخصّصة له قبل يومين أرجئت إلى موعد يحدّد لاحقًا، في وقت كان لافتًا قفز “الحزب” فوق التباين مع “التيار”، ليطلق في عطلة نهاية الأسبوع بشكل شبه رسميّ حملته الانتخابيّة، التي كانت باكورتها الهجوم على خصم “التيار” التاريخي، “القوات اللبنانية”.
 
في المقابل، لوحظ في الساعات الماضية كلام “جديد” لباسيل بدا “مغايرًا” في الشكل والمضمون لما دأب عليه منذ أسابيع، إذ تراجع عن التلويح بفكّ “التحالف” مع “حزب الله”، مستعيدًا مطلب “تطوير التفاهم”، بل مثنيًا على حزب “دفع ما دفع لحماية لبنان وتحرير أرضه”، وفق قوله، ما دفع كثيرين إلى التساؤل عن سرّ هذا “التغيير” المفاجئ؟!
 
باسيل يعيد “تموضعه”
من استمع إلى باسيل في حديثه إلى محطة “فرانس 24” التلفزيونية يخرج بانطباع أنّ باسيل “يعيد تموضعه” بصورة أو بأخرى، فالانتقادات “اللاذعة” التي وجّهها إلى “حزب الله” في مؤتمره الصحافي الشهير مطلع العام، استُبدِلت بخطاب “انفتاحي”، تحت عنوان رفض “عزل” مكوّن لبناني بذل الغالي والنفيس في سبيل لبنان.
 
قد لا يكون مثل هذا الخطاب مُستغرَبًا من جانب حليف ثابت لـ”حزب الله” منذ سنوات، ولكنّه إذا ما وُضِع في الميزان إلى جانب مؤتمر باسيل مطلع العام، الذي لم يُصدِر الحزب أيّ تعليق رسميّ أو علنيّ عليه، يصبح بمثابة “انقلاب”، فرئيس “التيار الوطني الحر” كان يعلن في ذلك المؤتمر انتهاء العلاقة مع “حزب الله”، رغم كلّ التقاطعات المشتركة بينهما، وقد كان واضحًا يومها أنّ مشروع “بناء الدولة” يأتي قبل كلّ شيء.
 
وثمّة من يربط “إعادة تموضع” باسيل الواضح إلى جانب “حزب الله” بخياراته السياسية، مع إعادة “ترتيب” علاقته مع سوريا تحديدًا، حيث كانت لافتة الزيارة التي قام بها وفد من “التيار الوطني الحر” قبل أيام إلى دمشق، والتي قيل إنّها جاءت “تمهيدًا” لزيارة “مستقلة” قد يقوم بها باسيل في المقبل من الأيام، علمًا أنّ رئيس “التيار” وضع زيارة الوفد “العوني” في خانة “تلبية دعوة” تلقّاها، مؤكدًا أنّ الحديث لم يدر سوى عن “مصلحة لبنان”، على حدّ وصفه.
 
إنها الانتخابات؟!
طرحت خطوة باسيل “إعادة التموضع” إلى جانب “حزب الله”، بعد خفوت “المعركة” معه، الكثير من علامات الاستفهام، فهناك من اعتبرها نتيجة “تسوية” حصلت مع الحزب، الذي أبدى “ليونة” مع “التيار” حين تراجع عن “مقاطعته للحكومة”، وهي الخطوة التي كانت تحرج “العونيّين” أمام جمهورهم، وبالتالي كان لا بدّ من التراجع “خطوة للوراء”، خصوصًا أنّ الحزب تلقّف الهجوم “العونيّ” عليه، بهدوء بدا “مدروسًا”.
 
لكن ثمّة وجهة نظر أخرى تبدو أكثر واقعية، تعتبر أنّ الأمر أبعد ما يكون عن حضور جلسات الحكومة أو مقاطعتها، وإنما يرتبط بالاستحقاق الانتخابي المقبل، الذي بدأ “العدّ العكسي” له عمليًا، وباتت فرص حصوله “توازي” بالحدّ الأدنى احتمال تأجيله أو إلغائه، بعدما كان كثيرون، ومن بينهم “التيار”، يعتقدون أنّ إمكانية “تطييره” تبقى الغالبة، وهو احتمال يقول كثيرون إنه لم يسقط بالمُطلَق من “الحسابات السياسية” حتى الآن.
 
ووفقًا لوجهة النظر هذه، وجد باسيل أنّ “التحسّب” للانتخابات وكأنّها حاصلة في موعدها بات ضروريًا، وقد اكتشف أنّ خوض هذه الانتخابات يتطلّب وجود “حليف” إلى جانبه، فحتى لو أنّ البعض قلّل من أهمية التحالف الانتخابي نظرًا لطبيعة القانون وطريقة تقسيم الدوائر، إلا أنّه يبقى أساسيًا في بعض الدوائر والمواقع، فضلاً عن “مَوْنة” الحزب على البعض، التي قد تسعف “التيار” الذي فقد في السنوات الماضية كلّ “حلفائه وأصدقائه” دفعة واحدة.
 
بدأ “العدّ العكسي” للانتخابات إذًا، ومعه قد تكون الساحة أمام “إعادة تموضع” للكثير من القوى والشخصيات، بعيدًا عن “استعراضات” الأيام الخوالي. لعلّ خطوات باسيل تندرج في هذا السياق، وقد “يلحقه” إلى ذلك آخرون، إذا ما تبيّن فعلاً أنّ “الرهان” على تأجيل الانتخابات أو “تطييرها” لم يعد قابلاً للتحقّق، ولو أنّ المحاولات ستستمرّ حتى اللحظة الأخيرة، كما يؤكد كثير من المتابعين!