تتقلّص المسافة الفاصلة بين اليوم والموعد المقرّر للانتخابات البرلمانية، ويضيق الوقت على القوى المحلية في ظل الرهانات على نتائجها وتداعياتها السياسية والشعبية وانعكاساتها على الاستحقاقات الدستورية المقبلة. حتى أن “التيار الوطني الحر”، الاكثر تضرّراً على المستوى الشعبي، بحسب استطلاعات الرأي وباعتراف بعض قيادييه، بات يسارع خطواته نحو لملمة قواعده وترميم صورته وتحصين نفسه في الشارع المسيحي.
ثمة همّ وحيدا لدى “التيار الوطني الحر” في هذه المرحلة وهو تمرير الانتخابات بأقل خسائر نيابية ممكنة، او بمعنى آخر الحفاظ على “شكل” كتلة وازنة يحاجج بها خصومه السياسيين ويفرض نفسه مجدداً لاعباً أساسياً ولو بنفوذ أقل في الساحة المحلية وفي المؤسسات الدستورية سواء في مجلس الوزراء او في المعركة الرئاسية.يسعى “التيار” اليوم الى تصميم سيناريو تحالفاته مع “الثنائي الشيعي” رغم التصعيد السياسي والاعلامي الذي ينتهجه النائب جبران باسيل ضد “حركة امل”، والذي يوحي باستحالة التفاهم مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي “انتخابياً”، لكن استطلاعات الرأي جعلته محدود الخيارات ومجبراً على الرضوخ لفكرة التحالف ليصبح أحد أضلع “الثلاثية” في المربّع الانتخابي ويضمن بها عددا اكبر من النّواب لأن خسارته في الدوائر المشتركة مع “الثنائي الشيعي” ستؤدي الى تراجع في كتلته النيابية.
ويستنسخ” التيار” في مشواره الانتخابي نموذج تحالفاته السابقة مع شخصيات مستقلة ووازنة في الدوائر، إذ إنه وبعد خسارته عددا كبيراً من المستقلين الذين تحالف معهم في انتخابات 2018 ودخلوا الى “عرينه” معلنين “نجاتهم” منه لاحقاً، فقد مرونته وقدرته على عقد التحالفات الانتخابية، لذلك فهو يسعى اليوم للبحث عن وجوه جديدة يؤمّن لها وعداً بضمانات انتخابية تمكّنها من الفوز في الاستحقاق البرلماني الى جانب مرشحيه شرط الانضمام الى لائحته.المسار الثالث الذي يسلكه “التيار”ينطلق من ادارة العملية الانتخابية وهندسة تكتيك المعركة لتياره ولقوى الثامن من آذار وفقاً للطريقة المناسبة له، وذلك من خلال طلبه أن يكون ضمن لائحة ثانية في دائرة أو اخرى، وبمعنى أوضح، فإن باسيل يرى أن مصلحته الانتخابية في دائرة ما تستوجب انقسام قوى الثامن من آذار الى قسمين لخوض الانتخابات عبر لائحتين، وأما في دائرة أخرى فتستلزم تحالف فريق 8 آذار! وبذلك، يبدو واضحاً أن الرجل يضغط باتجاه مصلحته الانتخابية حصراً ويسعى لإقناع “حزب الله” بجدوى خطته.
في المحصلة، فإن التيار “البرتقالي” يبذل مساعٍ جدية لتعزيز كتلته البرلمانية لأن تراجعه سيشكّل له حالة من الانهيار السياسي تقذفه من موقعه الوازن الى هامش الحياة السياسية، لذلك فهو يغتنم حاجة “حزب الله” بالحفاظ على قوّته كغطاء مسيحي وحليف أساسي له، ويعمل بشتى الأساليب على قاعدة “الغاية تبرر الوسيلة”.