اتخذت المبادرة الفرنسية بمنح لبنان هبة من 50 باصا بعداً رمزياً وواقعياً لافتاً لجهة مضي باريس في الاهتمام بالوضع في لبنان على رغم أولوياتها الداهمة بين المعركة الرئاسية الفرنسية التي تقترب من دورتها الأولى في نيسان المقبل وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقد أعلنت السفارة الفرنسية في بيروت امس ان الوزير الفرنسي المنتدب لدى وزارة التحول البيئي المكلّف بالنقل جان ـ باتيست دجيباري، سيزور لبنان في العاشر من آذار 2022. وبهذه المناسبة، سيوقّع مذكرة تفاهم حول تقديم فرنسا للبنان هبة من 50 باصاً. وأشارت الى ان “هذه الهبة تندرج ضمن الجهود المتواصلة التي تبذلها فرنسا من أجل مساعدة الشعب اللبناني في وجه الأزمة التي يمر بها البلد منذ أكثر من سنتين”. وسيتفقّد الوزير أيضاً مرفأ بيروت وسيكون له لقاء مع عددٍ من وجوه المجتمع المدني والقطاع الخاص في لبنان، المنخرطين في العمل من أجل نهوض بلدهم وإعادة بنائه.
ويتزامن وصول الوزير الفرنسي مع ما اكده مصدر فرنسي رفيع لـ”النهار” امس من ان باريس مازالت تؤكد ضرورة اجراء الانتخابات اللبنانية في موعدها وان ليس امام فرنسا الا خيار فرض العقوبات الاوروبية على الجهة التي تمنع اجرائها في حال لم تجر.
نصحت مصادر ديبلوماسية في باريس المسؤولين اللبنانيين عبر” نداء الوطن” بأن “ينكبوا على معالجة مصائبهم بدل الاقتتال والانشغال بمصائب غيرهم، لأنّ التركيز الدولي منصبّ راهناً على مواجهة التحديات التي فرضتها الحرب الأوكرانية”، موضحةً أنه “تحت وطأة التداعيات الخطيرة لهذه الحرب اهتزّ بطبيعة الحال الاهتمام الفرنسي بالملف اللبناني فتراجع على سلم الأولويات لكنه لم يسقط كلياً من حسابات الإدارة الفرنسية، حيث لا يزال التواصل مستمراً مع المسؤولين اللبنانيين عبر المستشار الرئاسي باتريك دوريل لمواكبة أجندة الإصلاح الحكومي والتشريعي، مع التشديد في الوقت نفسه على الأهمية المحورية التي يشكلها الاستحقاق الانتخابي المرتقب في أيار، باعتباره مدخلاً إلزامياً لا مفرّ منه للتقيّد بالمواعيد الدستورية واحترام رغبة اللبنانيين في إعادة تكوين السلطة بعدما خذلتهم الطبقة الحاكمة”.ونوّهت المصادر بأنّ فرنسا، وبحكم ترؤسها للاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ أوروبا “باتت أولوياتها الراهنة تحتّم عليها التركيز على سبل حماية الجبهة الأوروبية في مواجهة نيران الحرب الروسية على أوكرانيا”، لكنها أكدت أنّ “الاهتمام الفرنسي بلبنان ما زال قائماً ومستمراً وإن كان بوتيرة أخفّ نتيجة المستجدات الطارئة والمتسارعة على الساحة الدولية والتي كان السبب الأساس في فرض إرجاء زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إلى بيروت”، لافتةً إلى أنّ “هذه الزيارة لا تزال مدرجة على جدول أعمال لو دريان وقد يقوم بها في أي وقت مستقطع على أجندة انشغالاته الأوروبية والدولية”، من دون أن تستبعد أن “يكون ذلك في الفترة القريبة المقبلة”.