يمكن القول إن حزب الله وحلفاءه قد هدأت اعصابهم ولم يعودوا قلقين من خسارة الأغلبية في المجلس النيابي. قبل أشهر كانت التقديرات مختلفة. وكانت خسارة الاغلبية أمرا مرجحا، وتحديدا من جراء تراجع شعبية التيار الوطني الحر في الساحة المسيحية، وبسبب حالة السخط الشعبية الشاملة من الأحزاب الحاكمة وبروز شخصيات مستقلة وتجمعات مدنية ولو متفاوتة الحضور .
الان التقديرات اختلفت. انكفاء الرئيس سعد الحريري خلط الأوراق. المجتمع المدني لم يثبت حضوره الفاعل ولم يتجاوز حالة الشرذمة التي يعاني منها فضلا عن عدم تمكنه من التمدد في المناطق الشيعية. التيار الوطني الحر بدأ يسجل حالة تحسن. والقوات اللبنانية تعاني في بعض الدوائر من ازمة مرشحين تتحالف معهم. وتبقى النقطة الأبرز في سياق المشهد الانتخابي حالة العجز في الساحة السنية عن ايجاد بديل انتخابي ذي وزن بعد انكفاء الحريري وعزوف الرئيس نجيب ميقاتي عن المشاركة في الانتخابات النيابية.
الترجيحات في مجملها من أوساط مختلفة تتجه إلى توقع عودة الأغلبية التي يشكل حزب الله محورها الأساس. وكان ملفتا موقف رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي حذر فيه من سعي حزب الله إلى الإمساك بثلثي مقاعد المجلس النيابي، وداعيا إلى ضرورة امتلاك الثلث المعطل في الحكومة المقبلة لمنع الحزب من السيطرة على قرارها، وهذا ما يعتبر تسليما من السنيورة بقدرة الحزب على حيازة الأغلبية النيابية واغلبية مقاعد الحكومة العتيدة، وهذا الافتراض يطرح، وفق مصدر سياسي بارز، الكثير من الأسئلة الإشكالية:1- هل تغير هذه النتيجة المتوقعة باندفاع الموقف الغربي الأميركي والأوروبي إلى ضرورة إجراء الانتخابات، هل من المحتمل أن نشهد تغيرات في هذا الموقف خلال الفترة المتبقية من موعد 15ايار؟2-ماذا لو شهدت نسبة الاقتراع تدنيا مفرطا في الإقبال على الانتخابات؟ فهذا الأمر سيحول فوز حزب الله وحلفائه، الى انتصار سلبي خال من الدلالات الإيجابية والتي ستقرأ على أنها تراجع كبير في شعبية حزب الله وحلفائه.
3-ما هو مصير الاستحقاقات الاقتصادية والمالية التي تتصل بحل الأزمة التي تعيشها البلاد والتي جرى تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات على خلفية وصول أغلبية جديدة إلى البرلمان؟ وهل يعني ذلك أننا أمام مرحلة تصعيد جديدة ستشهدها الساحة اللبنانية؟4 -ما هي السياسات التي ستعتمدها الأغلبية بقيادة حزب الله؟هل ستستمر في السياسات الانقسامية ذاتها والتي تعني استمرارا لحالة المراوحة والجمود والاستنزاف أم أن هذه الأغلبية ستنتهج سياسات اعتدالية وانقاذية؟هذه الأسئلة الأساسية تتفرع عنها عشرات الأسئلة التفصيلية والتي تصب جميعها عند التأكيد على أهمية الأشهر المقبلة واستثنائيتها، بيد أن الارجحية، تبقى، وفق المصدر نفسه، للسيناريو المتشائم الذي يقوم على عدم وجود مؤشرات ملموسة ومضمونة في احتمال أية انفراجات في الوضعين السياسي والمالي، اذا جرى الاخد بعين الاعتبار المعطيات الداخلية، إذ أن التناقضات بين القوى السياسية بلغت ذروتها، كما أنه من السهل تلمس غياب المراجعات الإيجابية في مواقف هذه القوى وفي إدارتها للشأن الانتخابي من ناحية المرشحين والبرامج، مما يعني أن الآمال معقودة على ما يجري في المنطقة، من ناحية المفاوضات الإيرانية – الأميركية، أو الإيرانية – السعودية، أو من ناحية الانفتاح الخليجي على سوريا، كما برز في زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات واحتمال قيامه أيضا بزيارة إلى المملكة العربية السعودية. هذه التطورات في حال مضيها قدما ووصولها إلى نتائج وتفاهمات مبرمة من شأنها أن تشكل منصة لإطلاق مبادرات فعلية ومؤثرة لمعالجة الأزمات اللبنانية وهذا سيكون بمثابة إعادة تأكيد على قاعدة أن الحلول اللبنانية تولد دوما بمبادرات خارجية.