إكتملت اللوائح… وبدأت معركة “المنخار” والشعارات المستفزِّة

5 أبريل 2022
إكتملت اللوائح… وبدأت معركة “المنخار” والشعارات المستفزِّة


بين 4 نيسان و15 أيار مسافة زمنية قصيرة نسبيًا، ولكنها ستكون حافلة بالمواقف التصعيدية بعدما إكتملت اللوائح، وبعدما حدّد كل طرف سياسي تحالفاته الإنتخابية، التي فرضت بعضَها طبيعةُ المعارك الجانبية، إضافة إلى طبيعة وموقع كل دائرة بدائرتها، إذ أن لكل دائرة من الدوائر الخمس عشرة خصوصيتها ورمزيتها، طائفيًا وحزبيًا وعائليًا وإجتماعيًا. 

فإبتداء من الخامس من نيسان، أي قبل شهر وعشرة أيام من يوم الإستحقاق الدستوري، سيبدأ مسار جديد بالنسبة إلى الأحزاب والتيارات السياسية في مواجهة بعضها البعض أولًا، وفي مواجهة لوائح المجتمع المدني أو لوائح “التغييريين”، وإن لم تكن موحدّة، من حيث البرامج والشعارات والعناوين العريضة، إذ أصيب هذا الحراك بلوثة “اليمين” و”اليسار”، وهذا ما قد يضيع عليها ربما فرصة تحقيق أكثر من خرق في أكثر من دائرة. 
بالنسبة إلى النوع الأول من المواجهات، أي بين الأحزاب والتيارات السياسية التقليدية نفسها، يمكن القول إن المعركة ستكون على “المنخار”، أي أن النتيجة النهائية، وهي معروفة سلفًا، ستكون بنسبة نائب بالزايد لهذا الحزب أو التيار، أو نائب بالناقص لهذه الجهة أو تلك، مع إقرار الجهة التي كانت تملك الأكثرية النيابية في العقد النيابي الماضي بأن هذه الأكثرية في بلد مركّب كلبنان لا تؤثّر في شيء لجهة أخذ البلد إلى حيث لا إجماع على ما يمكن أن تكون عليه أي هوية جديدة للبنان قد تخطر على بال أحد، أيًّا يكن هذا “الأحد”. 
أمّا لماذا تأخذ هذه الإنتخابات هذه الحدّية في المواقف والخيارات فإن الجواب الشافي والوافي قد لا يكون متوافرًا لدى أحد، مع العلم أن الجميع، ومن دون إستثناء، يجمعون على توصيف هذه الإنتخابات بأنها مصيرية وحتى وجودية.  
فالمعركة بعناوينها العريضة هي معركة “كسر عظم” بين “التيار الوطني الحر”، ومعه حلفاؤه وعلى رأسهم “حزب الله”، الذي له اليد الطولى في تحالفات محور ما يُسمّى “محور الممانعة”، وبين “القوات اللبنانية” والوزير وليد جنبلاط وحلفائهما الذين يسمّون أنفسهم بـ”السيادّيين”. 
ففي هذه المعركة ستستعمل كل أنواع الأسلحة، حتى المحظور منها، بحيث أن كل طرف سيلجأ إلى تهشيم صورة الآخرين بكل ما أوتوا من أساليب وشعارات وعناوين، وقد يكون في بعضها تذكير بحقبات سابقة يتمنّى اللبنانيون عدم سماعها، لأنها تذكّرهم بمآسٍ وويلات لا عدّ ولا حصر لها.  
فلهذه الجهة جمهورها، ولذاك الطرف مؤيدوه وأنصاره. فلا هؤلاء ستقنعهم حجج أولئك، ولا أولئك سيصوّتون عكس قناعاتهم الحزبية. وهنا نسأل كما يسأل المواطن الذي يحمّل كل هذه المنظومة مسؤولية ما آلت إليه أحواله “المرتّة”، ولو بنسب متفاوتة: لماذا كل هذا الغبار المثار في العيون، ولماذا كل هذا الضجيج، ولماذا كل هذه الحملات؟ 
الذين لا يعرفون ماذا يُحضّر للبنان من مفاجآت نتيجة بعض الإنعكاسات الإقليمية على وضعنا الداخلي يقولون “كفّ عدس”. أمّا الذين يعرفون ما خُفي على الآخرين فيقولون أن لكل شعار من شعارات الحملات الإنتخابية أهدافًا قد تكون أبعد من “نائب بالزايد ونائب بالناقص”. 
من هنا يُمكن فهم بعض الشعارات في هذه الحملات المستعرة، ومن بينها توصيف إنتخابات 2022 بأنها مصيرية ووجودية. ولكن الأهمّ من كل هذه الشعارات أن هذه الأحزاب على إختلاف تلاوينها وأجنداتها الخارجية في وادٍ، والشعب “المعترّ” في وادٍ آخر. وقد سبقنا “الأخوان رحباني” في توصيف هذا الواقع بسنوات في أغنيتهم “الرعيان بوادي والقطعان بوادي”.