“حزب الله” يجمع باسيل وفرنجية..”العين” على ما بعد الانتخابات!

11 أبريل 2022
“حزب الله” يجمع باسيل وفرنجية..”العين” على ما بعد الانتخابات!


كما كان متوقّعًا، امتلأت عطلة نهاية الأسبوع بالمهرجانات الانتخابية العابرة للمناطق والدوائر، مهرجانات يُعتقَد أنّها ستهيمن على المشهد حتى موعد الاستحقاق الموعود في منتصف أيار المقبل، وقد ارتفع فيها سقف الخطاب السياسي، واستُحضِرت في سبيله كلّ الأدوات والأسلحة المناسبة، لزوم التعبئة والحشد والاستقطاب، وربما التخوين والتحريض، بحثًا عن صوت بالزائد أو بالناقص، هنا أو هناك.
 
لكن، من خارج السياق المتوقّع للأحداث، جاء إعلان العلاقات الإعلامية في “حزب الله” عن لقاء جمع “الحليفين أو الخصمين اللدودين”، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، على “مائدة” إفطار رمضاني، دعاهما إليها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، حيث كان اللقاء “فرصة مناسبة للتداول في العلاقات الثنائية والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة”.
 
وإذا كان بيان العلاقات الإعلامية حول اللقاء “المفاجئ” مقتضبًا من حيث الشكل والمضمون، فإنه فتح المجال أمام سلسلة طويلة من التكهّنات والتساؤلات حول “دلالات” الاجتماع في هذا التوقيت بالتحديد، وعلى أبواب الانتخابات النيابية، ومعاني فتح “صفحة جديدة” بين الجانبين، بعد مرحلة طويلة من “الخصومة” التي كادت تتحول إلى “عداوة”، ليبقى السؤال الكبير الذي قد تخضع إجابته للكثير من التحليل والدرس: لماذا الآن؟!
 
لا تحالفات انتخابية
 صحيح أنّ اللقاء عُقد قبل شهر وخمسة أيام تقريبًا من الانتخابات النيابية، إلا أنّه جاء أيضًا بعدما أضحت التحالفات الانتخابية بحكم “المُنجَزة”، مع اكتمال اللوائح الانتخابية بصورتها النهائية، وانتهاء المهلة الممنوحة أمام المرشحين لتسجيل اللوائح رسميًا في وزارة الداخلية، ما يعني أنّ أيّ “تبعات” انتخابية له على صعيد التحالفات، أصبحت “مستحيلة” نظريًا، وعلى الأرجح عمليًا، باعتبار أنّ “ما كُتِب قد كُتِب”.
 
ولعلّ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ألمح إلى غياب هذا “الرابط” بين اللقاء والانتخابات، عندما وضعه في “سياقه الطبيعي، وبمعزل عن أيّ تحالفات انتخابية”، على حدّ وصفه، وهو ما يؤكد بحسب العارفين أنّ انعكاسات اللقاء لن تكون على المنافسة الانتخابية “الحامية” في الدوائر المشتركة، بقدر ما ستتركّز في مرحلة ما بعد الانتخابات، وهو ربما ما سعى إليه “حزب الله” من خلال رعاية اللقاء في هذا التوقيت.
 
لا يعني ذلك أنّ “طيف” اللقاء لن يحضر على أبواب الانتخابات، إذ يتوقّع المتابعون أن يؤدّي إلى “تهدئة إعلامية” بين الجانبين، وربما سيغيّب “التراشق الكلامي” بينهما، فلا يضع “العونيون” فرنجية ضمن قائمة المتهمين بـ”الفساد”، ولا يردّ أنصار الأخير بمهاجمة “العهد” والشماتة منه، وذلك حفظًا لخط الرجعة، الذي يعمل “حزب الله” كما بات واضحًا على تحصينه، حتى يكون جاهزًا بعد الانتخابات مباشرة.
 
ماذا يريد “حزب الله”؟
 يتّضح ممّا سبق أنّ أبعاد لقاء “المصالحة”، إن أمكن توصيفه بذلك، لم تكن “انتخابية”، على الأقلّ بشكل مباشر، الأمر الذي يفتح المجال أمام سلسلة من الأسئلة الأخرى، فماذا يريد “حزب الله” عمليًا من هذا اللقاء، بتوقيته المثير للجدل، وبعدما انكفأ عن أيّ وساطة على مدى الأشهر بل السنوات الماضية؟ وهل يأتي اللقاء في سياق التحضيرات للاستحقاق الرئاسي الذي سيبدأ البحث به مباشرة بعد طيّ صفحة الانتخابات النيابية؟
 
يقول العارفون إنّ الملف الرئاسي لم يُفتَح خلال اللقاء، لأسباب عدّة، من بينها ربما أنّ “أوان” البحث به لم يحن بعد، باعتبار أنّ ذلك متروك للظروف، التي يمكنها أن تنقلب من الآن حتى موعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، فضلاً عن كون النقاش بهذا الملف اليوم، وقبل بلورة صورة البرلمان المقبل حتى، كان من شأنه “تفجير” اللقاء عن بكرة أبيه، باعتبار أنّ كلاً من باسيل وفرنجية لا يخفي “طموحه” بالوصول إلى بعبدا.
 
لذلك ربما، تقصّد “حزب الله” استباق الأحداث والاستحقاقات، فقرّر جمع “حليفيه” اللذين لا يزالان “يتقاطعان” استراتيجيًا، قبل أن يصبح ذلك مستحيلاً متى دقّت “ساعة الجدّ” الرئاسية، علمًا أنّ “أجندة” الحزب في ذلك تتجاوز الرئاسة، لتشمل مسعى لم يعد مستترًا لإعادة “إحياء” فريق 8 آذار بشكل أو بآخر، أو بالحدّ الأدنى ترتيب صفوفه، ورصّ الحلفاء، لمواجهة مختلف استحقاقات مرحلة ما بعد الانتخابات، التي بات الحزب يحسب لها جيّدًا، وهو ما تجلّى في تعامله مع الاستحقاق، وكأنّه “مصيري ومفصليّ” بالفعل، لا بالكلام فقط.
 
بالنسبة إلى كثيرين، قد لا يعني لقاء باسيل وفرنجية برعاية “حزب الله” الكثير. يعتقد هؤلاء أنّه مجرّد لقاء “مجاملة”، جاء تلبية لدعوة السيد حسن نصر الله الذي يتمسّك الطرفان بالتحالف معه. لكن، بالنسبة إلى “حزب الله”، قد يكون هذا اللقاء أكثر من ذلك بكثير. هو “عنوان عريض” لمرحلة يحضّر لها كما لم يفعل من قبل، في ظلّ ضغوط وحملات لا تنتهي، تتطلب برأي قيادته، “تكتيكًا مغايرًا” لكلّ ما سبق، وهنا بيت القصيد!