تخسر دائرة الشمال المسيحية بعضا من اهميتها مع مرور الوقت واقتراب موعد الانتخابات النيابية المقبلة على اعتبار ان العنوان الاساسي فيها وهو المعركة الرئاسية بات عنوانا غير واقعي مع تسارع الحراك الاقليمي، وتراجع الحماسة الانتخابية التي كانت سائدة قبل اشهر اختفت بسبب التشتت الكبير في لوائح المجتمع المدني ما ادى الى نوع من الاحباط لدى الفئات الراغبة بالتغيير.
بالرغم من وضوح الصورة الانتخابية في الدائرة، الا ان الذهاب نحو توقع النتيجة لا يبدو صحيا خصوصا ان نسبة عالية جدا من الناخبين فيها هم من المغتربين الذين لا تستطيع اي شركة استطلاعات ان تحدد مزاجهم ووجهتهم الانتخابية، لذلك فإن انقلابا في النتائج يبقى واردا في ظل غموض التوجه الاغترابي ومدى رغبته بالتصويت فعلا.
عدد كبير من اللوائح التي تشارك في الانتخابات في دائرة الشمال المسيحية تعتبر لوائح جدية وهذا الامر يتميز عن سائر الدوائر ، فلائحة التيار الوطني الحر جدية وكذلك لائحة القوات اللبنانية ولائحة تيار المردة، ولائحة تحالف النائب المستقيل ميشال معوض ومجد حرب مع الكتائب، حتى لائحة المجتمع المدني “شمالنا” لديها حظوظ في الخرق.
تطمح لائحة التيار الوطني الحر الى ايصال نائبين، وبالرغم من كون هذا الهدف في غاية الصعوبة الا انها عملت لعقد تحالفات مع بعض الشخصيات قبل تشكيل اللوائح لتكرار نتيجة العام ٢٠١٨. لكن اللائحة البرتقالية التي تتحالف مع جزء من الحزب السوري القومي الاجتماعي تضمن، في حال عدم حصول مفاجآت كبرى، مقعد رئيسها جبران باسيل الذي سيكون نائبا مرة جديدة وهذا ما يدركه خصومه جيدا. اما لائحة المردة فقد خسرت التحالف مع النائب السابق بطرس حرب لكنها بالرغم من ذلك تعمل على الحفاظ على نتيجة الانتخابات السابقة والفوز بثلاثة نواب وهذا سيكون مرهونا بالتطورات الانتخابية وواقع اللوائح، خصوصا انها خسرت، اضافة الى حرب جزءا من الكتلة الناخبة للحزب القومي التي ستكون الى جانب التيار الوطني الحر. تعتبر لائحة القوات اللبنانية اللائحة الاقوى في الدائرة، اذ انها تضمن الفوز بثلاثة نواب وتعمل على الفوز بالمقعد الرابع الامر الذي يجعلها تحقق انتصارا كبيرا في الدائرة لانها ستكون قد فازت بما نسبته ٤٠ في المئة من المقاعد الانتخابية فيها، لكن للقوات ايضا معركة هي منع حصول اي خرق في قضاء بشري وهذه تعتبر مهمة صعبة نسبيا.
المنافسة مع القوات لا تأتي هذه المرة من التيار الوطني الحر انما من لائحة معوض – حرب التي تستقطب الجمهور ذاته الذي تعمل القوات على استقطابه وتحديدا جمهور قوى الرابع عشر من اذار من خلال اعتماد الخطاب السياسي ذاته. حتى “لائحة شمالنا” التغييرية تتبنى الخطاب السياسي لقوى الرابع عشر من اذار خصوصا انها تضم قواتيين سابقين وشخصيات معارضة لحزب الله بشكل اساسي. المنافسة داخل فريق الرابع عشر من اذار ستحصل داخل البيت الداخلي لقوى الثامن من اذار ايضا، فاضافة الى الانقسام داخل الحزب القومي ودعم لائحتين منفصلتين، يبدو ان الصوت الشيعي سينقسم ايضا بين لائحة التيار الوطني الحر وتيار المردة، ما يجعل الدائرة دائرة المعارك الداخلية..