نجاح حكومي والتوازنات رهن التحالفات

16 مايو 2022
نجاح حكومي والتوازنات رهن التحالفات


وأخيراً أُنجز الاستحقاق النيابي وعلى نتائجه الرسمية التي ستعلن اليوم، سيكون مشهد لبنان غير ما كان قبله، رغم انّ نتائج العملية الانتخابية لم تغيّر كثيراً فيه من حيث موازين القوى العامة السائدة في ظل المجلس الحالي الذي تنتهي ولايته في 21 من أيار الجاري، وتصبح عندها الحكومة مستقيلة دستورياً وتتولّى تصريف الاعمال الى حين تأليف حكومة جديدة.

 
وأظهرت النتائج الاولية لفرز النتائح حصول خرق متبادل في عدد من الدوائر بين لوائح «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وحلفائهما ولوائح حزب «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» وحلفائهما. لكن بعد ان ينجلي غبار المعارك الانتخابية سيكون التحدّي الكبير تأليف الحكومة الجديدة، حيث انّ البلاد بما تعانيه من أزمات جهنمية، لا تتحمّل تأخيراً في إنجاز هذا الاستحقاق الذي يفترض ان يبدأ عدّه العكسي صبيحة 22 من الجاري، حيث سيكون الجميع امام اختبار تجاوز خطاب ما قبل الانتخابات الى التوافق على التركيبة الحكومية الجديدة على رغم الاختلاف في المواقف والتوجّهات السياسية.
نجحت الحكومة في تنظيم الانتخابات النيابية على رغم الأزمة المالية الحادة وغياب الاستقرار السياسي والتشكيك المتواصل في إجرائها، وهذا الإنجاز يُسجّل في خانة الحكومة التي أُنيط بها عند تأليفها ثلاثة أدوار أساسية: الأول إجراء الانتخابات النيابية، والثاني التفاوض مع صندوق النقد الدولي، والثالث وضع لبنان على سكة التعافي.
 
ومع نجاح الحكومة في إنجاز الانتخابات في الخارج والداخل تنتقل الأنظار إلى النتائج الرسمية التي ستُعلن اليوم وستبدأ معها مرحلة جديدة، وإذا كانت رئاسة مجلس النواب محسومة للرئيس نبيه بري، إلّا انّ تكليف رئيس الحكومة غير محسوم بعد على الرغم من انّ رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي هو الأوفر حظاً، ومع تكليف رئيس الحكومة يتحوّل التركيز الى اتجاهين: استشارات التأليف، وانطلاق العدّ العكسي لانتخابات رئاسىة الجمهورية.
 
ولكن، قبل انطلاق المسار السياسي الدستوري النيابي والحكومي وصولاً إلى الرئاسي، ستخضع الانتخابات لدراسات معمّقة تبدأ من نسبة التصويت مقارنة مع الانتخابات السابقة، ولا تنتهي بطريقة اقتراع الناخبين، خصوصاً انّ هذه الانتخابات تجري للمرة الأولى وسط انهيار مالي غير مسبوق وانتفاضة شعبية عمّت لبنان من أقصى الجنوب مروراً بوسطه وجبله إلى أقصى الشمال.
 
وكل التوقعات كانت تؤشر إلى ارتفاع نسبة التصويت هذه المرة، لأنّه لم يعد أمام الناس سوى صندوقة الاقتراع التي تشكّل باب الأمل الوحيد للخروج من الأزمة الخانقة، من خلال إدارة سياسية جديدة تقطع مع المرحلة السابقة وتؤسس لإدارة سياسية جديدة للدولة ومؤسساتها.
 
وفي حال ظهر انّ نسبة التصويت متدنية مقارنة مع انتخابات العام 2018، فهذا يعني انّ الناس وصلت إلى حدّ اليأس، ولم تعد مؤمنة بأنّ التغيير يتحقّق بإرادتها ومن خلال صناديق الاقتراع، وانّها قرّرت التعايش مع قدرها ومصيرها حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
 
وفي مطلق الحالات، دخل لبنان في مرحلة سياسية جديدة طُويت معها مرحلة كانت مليئة بالتطورات بين الانتخابات السابقة واليوم. فما شهدته البلاد من أحداث وتطورات وانهيارات وانتفاضات وتأليف حكومات كان ضخماً ومثيراً، ولا يُعرف بعد ما إذا كانت الانتخابات ستدفع القوى السياسية على اختلافها إلى وضع الماء في نبيذها وفتح صفحة جديدة لمواجهة الأزمة المالية، أم انّ انقسامات ما قبل الانتخابات ستتواصل بعدها، وكأنّ لا انتخابات ولا من يحزنون، خصوصاً انّ المرحلة المقبلة غنية باستحقاقاتها الدستورية وأبرزها تأليف حكومة جديدة وانتخاب رئيس جمهورية جديد