إنتخاب برّي أوّل إمتحان… هل ينقسم مجلس النواب إلى 8 و14 آذار و”17 تشرين”؟

25 مايو 2022
إنتخاب برّي أوّل إمتحان… هل ينقسم مجلس النواب إلى 8 و14 آذار و”17 تشرين”؟


ستتبلور صورة الاصطفافات النيابيّة في جلسة إنتخاب رئيس مجلس النواب الجديد، عندما يدعو رئيس السنّ نبيه برّي لعقدها . ورغم أنّ الامور محسومة لصالح الاخير، بانتظار بلورة الاصوات التي سينالها، نتيجة الاتصالات والاجتماعات التي تجري في الكواليس، بين مختلف الكتل النيابيّة، تتّجه كلّ الانظار إلى نواب “الثورة” الـ13، لمعرفة مَن سيختارون لرئاسة المجلس.

 
وقد خرج العديد من نواب المجتمع المدنيّ، وأعلنوا رسميّاً أنّهم لن يعطوا اصواتهم لبرّي. وهذا ما يُترجم مبدأ “كلن يعني كلن” الذي انتُخبوا على أساسه. فقد نالت لوائح قوى التغيير أصواتاً كثيرة، شكّلت مفاجأة إنتخابيّة لقوى السلطة. وهذه الاصوات أتت بمعظمها من لبنانيي الاغتراب الذين وضعوا ثقتهم بنواب “الثورة”. ويرى مراقبون أنّ أوّل إمتحان لهؤلاء النواب، هو التوحّد ضمن كتلة واحدة، واتّخاذ قرار موحّد حيال المسائل السياسيّة المهمّة. ويُضيفون أنّه إذا إستحال تأمين الاصوات الاكثريّة لبرّي لاعادة إنتخابه، فعندها، سيكون نواب المجتمع المدنيّ أمام سيناريوهين. الاوّل إمّا إنتخاب برّي لكسر الجمود والتعطيل السياسيّ، وبالتالي، خذل المقترعين الذين أوصلوهم إلى سدّة المجلس، والخروج عن الحالة التغييريّة. والثانيّ، عدم إنتخابه، والدفع بمرشّحهم لنيابة رئاسة مجلس النواب، الامر الذي سيضعهم بمواجهة مباشرة مع “التيّار الوطنيّ الحرّ” و”القوّات اللبنانيّة”، وسيقسّم المجلس النيابيّ إلى ثلاث قوى: 8 آذار، 14 آذار مع “القوّات” والحزب “التقدميّ الاشتراكيّ” وبعض النواب السنّة الذين كانوا من صقور “المستقبل”، وكتلة نواب “17 تشرين”.
 
وبانتظار ما سيتّخذه نواب “الثورة” حول موضوع رئاسة المجلس ونائبه، يبقى الثابت أنّ الكتل المسيحيّة لن تُصوّت لرئيس “حركة أمل”. وقد أكّد كلٌّ من رئيس “القوّات” سمير جعجع، ورئيس “الكتائب” النائب سامي الجميّل هذا الامر. وهناك علامة إستفهام حول توجّه النائب جبران باسيل إلى إنتخاب برّي، من دون حصول تسوية شاملة تبدأ من مجلس النواب، وتصل إلى شكل الحكومة وحجم التمثيل فيها وإنتخابات رئاسة الجمهوريّة.
 
وإذا كان نواب المجتمع المدنيّ أمام خيارين، يبقى شدّ الحبال بين “التيّار” و”القوّات” حول التمثيل الاكبر في مجلس النواب. وفيما تحاول “القوّات” توحيد جهود كافة النواب المعارضين لسلاح “حزب الله” بالدرجة الاولى، ولسياسة “الثنائيّ الشيعيّ” و”الوطنيّ الحرّ”، هل يحصل تقاربٌ بين نواب المجتمع المدنيّ، ونواب “الجمهوريّة القويّة”، أمّ أنّ موقع نائب رئيس المجلس سيُفجّر العلاقة بينهما؟ ويستبعد مراقبون تقارب نواب المجتمع المدنيّ من “القوّات” سياسيّاً، وحتّى لو التقوا في بعض المواضيع الاساسيّة. فكما ترفض معراب التجديد لبرّي لولاية سابعة، كذلك، يرفضه جمهور “الثورة”. فمجرّد التقارب بين نواب المجتمع المدنيّ وأيّ حزب تقليديّ، سيعتبره الكثيرون، وخصوصاً المقترعون، خروجاً عن الاهداف التي اقترعوا على أساسها.
 
وكان لافتاً في الايّام القليلة الماضيّة، تحرّك الجيوش الالكترونيّة المحسوبة على الأحزاب، لتصوير بعض نواب الحراك المدنيّ على أنّهم لا يمتّون لـ”الثورة” بأي صلّة. فتمّ نشر بعض الصور لنواب منتخبين إلى جانب الرئيس برّي في عين التينة. وبحسب مراقبين، فان الهدف من هذا الهجوم ضرب صفوف نواب المجتمع المدنيّ، ومنعهم من تشكيل كتلة وازنة في مجلس النواب، بالاضافة إلى إعطاء الرأي العامّ صورة على أنّ بعضهم محسوب على أحزاب أساسيّة في السلطة.
 
في إطار آخر، يعتبر مراقبون أنّ “حزب الله” مرتاح من تشرذم خصومه السياسيين في 14 آذار. ورغم أنّ “القوّات” خاضت الانتخابات مع “التقدميّ” بمواجهة توسّع “الحزب” نيابيّاً، يبقى موقف النائب السابق وليد جنبلاط غير محسوم لصالح إنتخاب برّي. ومن المرجّح جدّاً أنّ يطلب من نواب كتلته إعادة إنتخابه. فعلاقته به جيّدة وتاريخيّة، وإنّ حصل إختلاف بسبب الانتخابات والاسماء. ويقول مراقبون إنّ القانون النسبيّ يُفرّق في الكثير من الاوقات أقرب الحلفاء. فالكلّ يريد ضمان كتلة وازنة. وهو ما يُمكن أنّ يتفهّمه جنبلاط وأنّ يتخطّاه بسهولة، وتذهب كتلة “اللقاء الديمقراطي” نحو التصويت لبرّي.
 
في المقابل، فشل “حزب الله” في تكوين أكثريّة نيابيّة. ويُشير مراقبون إلى أنّ المشكلة الثانيّة التي تواجهه هي الخلاف المباشر بين باسيل وبرّي. وإنّ لم يتدخّل لحلّ هذه المسألة خلال هذين الاسبوعين، فعندها، سيكون إعادة إنتخاب برّي صعباً. ويسأل المراقبون إنّ كان دعم “الثنائيّ الشيعيّ” لمرشّح “التيّار” لنيابة برّي سيكفي لكيّ يحصل الاخير على أصوات نواب تكتّل “لبنان القويّ”. والاهمّ إعادة رصّ صفوف تحالف 8 آذار، في إتّخاذ القرارات الموحّدة في الاستحقاقات الكبيرة، وتثبيت عدد نوابه وزيادتهم عن الـ59.
 
في المحصّلة، من المنتظر أنّ يشهد المجلس النيابيّ إنقساماً ثلاثيّاً بين 8 آذار و14 آذار ونواب “17 تشرين”، سيمتد أيضاً ضمن الفريق الواحد. فبعد صدور نتائج الانتخابات، يعمل الجميع على كسب المراكز. فهل تنجح الجهود في توحيد نواب المجتمع المدنيّ، وكيف ستكون إتّجاهاتهم في مجلس النواب، وفي تسميّة رئيس الحكومة، والمشاركة فيها؟