شاركت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون في حفل إطلاق “دليل لدعم القيادات النسائية لمنع نشوب النزاعات وإدارتها في لبنان”، بدعوة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة والمركز المهنيّ للوساطة في جامعة القدّيس يوسف في بيروت والذي أعدّ بدعم من سفارة فنلندا في بيروت ومؤسسة ريبيكا دايكس.
تم الإطلاق في حرم كلية العلوم الاجتماعية في جامعة القديس يوسف في بيروت، في حضور أكثر من خمسين ممثلاً عن المجتمع الدولي في لبنان والمجتمع المدني وشبكات الوساطة وبناء السلام والأوساط الأكاديمية.
ووفق بيان،تم “تطوير الدليل، في إطار خطة العمل الوطنية لقرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، بغية تعزيز مجموعات الوساطة النسائية المحلية التي تدعمها هيئة الأمم المتحدة للمرأة في جميع المناطق اللبنانية.
وتهدف هذه المجموعات إلى تحديد التوترات المجتمعية والتصدي لها”.
وألقت عون كلمة افتتاحية جاء فيها:” التزمت الحكومة اللبنانية في الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 حول المرأة والسلام والامن التي اعتمدها في أيلول العام 2019، العمل على أن يكون للمرأة دور فاعل في منع نشوب النزاعات وفي الحدّ من التوترات على المستويين الوطني والمحلي.
النتيجة المتوخاة ذلك هي تعزيز الحوار وبناء الثقة لمنع نشوب النزاعات ومشاركة المرأة في عمليات صنع القرار.
ومن التدخلات التي تضمنتها الخطة لهذا الغرض نذكر: التثقيف في مجال السلام وحقوق الانسان والمرأة عن طريق وضع مناهج تدريسية على مستوى المدارس والجامعات والمجموعات الشبابية، وإنتاج المعلومات والمواد التعليمية والتدريبية حول بناء السلام والمواطنة والمطالبة بتعيين نساء في مناصب رسمية في الشرطة البلدية والمجتمعات المحلية وتدريبهنّ على التخفيف من التوترات والنزاعات، وأخيراً بناء قدرات الشبكات النسائية لتحديد التهديدات والتعامل معها”.
وأضافت: “هذا ولا ننسى أن أحد الأهداف الاستراتيجية للخطة الوطنية هو أيضاً زيادة مشاركة المرأة وتمثيلها في هياكل الإدارة المحلية والوطنية وفي قطاعي الأمن والدفاع وفي وساطات السلام والمفاوضات.
وفي هذا المجال تبذل الهيئة الوطنية جهوداً حثيثة لإيصال النساء الى مراكز القرار. هذه الأهداف التي تبدو بعيدة المنال ليست كذلك فعلياً.
والسعي إلى حلّ النزاعات بدلا من اختيار المقاطعة والمواجهة هو في غالب الأحيان خيار ممكن”.
وتابعت:” اللجوء إلى التحاور بدلاً من المجابهة، ينبع في غالب الأحيان من استعدادٍ فكري قابل للتطوير والتعميق ومن نوع الحكمة يتمّ اكتسابها من الخبرة أو بالاطلاع على تجارب الآخرين واكتساب المعلومات.
وبما أن النزاعات تكون دائماً مكلفة بشكل من الأشكال، يحقق المتنازعون دائماً مصلحة عند التوصل إلى حل نزاعاتهم.النزاعات ملازمة لحياة الانسان في الحياة الخاصة، ضمن الاسرة والمحيط، كما في الحياة العامة على الصعيدين المحلي والوطني. في مجتمعنا نعلم أنّه تقليدياً تلعب النساء دوراً مهماً في التوسط بين أعضاء العائلة الواحدة أو ضمن المحيط القريب لحلّ الخلافات.
تساعد النساء في النجاح في ذلك، قدرتهنّ على حسن الاصغاء للوم الذي يتبادله أفراد الاسرة أو الأقارب أو الجيران وهذه القدرة على حسن الاصغاء وتفهم الاعتراضات المتبادلة تعود غالباً لكونهنّ متمرسات في تربية الأولاد والتعامل مع مطالبهم ونزواتهم”.
وأضافت: “لغاية تاريخ قريب ظلّت الحياة العامة موصدة الأبواب أمام المرأة في لبنان.
تمادت في مجتمعنا الخلافات من عائلية وقبلية وطائفية وحزبية ووصلت الى مرحلة المواجهات العسكرية أحياناً.
تغلب منطق السلاح خلال الحروب الداخلية التي بدأت في العام 1975، وخسر البلد ألاف الضحايا، ومع ذلك ظلت النساء مغيبات عن المحاولات العديدة التي جرت للتوصل الى وقف القتال.
اليوم بدأت الأمور تتغيّر، فعلى الرغم من أن حضورهنّ لا يزال ضعيفاً نسبياً في المراكز الحكومية والنيابية، فإن صوتهنّ بات مسموعاً أكثر من قبل، وبالإضافة الى ذلك اكتسبت النساء في لبنان خلال العقود الأخيرة مهارات علمية مكنتهنّ من الخوض في أكثر المجالات العلمية تقدّماً، في شؤون الطاقة والمال والبيئة بالإضافة الى مجالات الطب وعلوم الإنسان.
بجهودهنّ عززت النساء موقعهن في المجتمع وهنّ مدعوات اليوم إلى الخوض في مجال السعي إلى حلّ النزاعات المتشابكة التي تهدد بتمزيق النسيج المجتمعي المعرض لضغوط متنوعة”.”
وقالت: “من هنا علينا اليوم نساءً ورجالاً أن نتدارك المخاطر ونعمل على فهم معطيات الأوضاع المحيطة بنا وأن يكون لنا دور في العمل على منع تحوّل أي توتّر أو خلاف في محيطنا الى نزاع يصعب بعد ذلك احتواء نتائجه.
لنا أن نساعد بعضنا البعض في ذلك وأن نستعين بالخبرات المتراكمة في العالم في سبيل حلّ النزاعات ومنع نشوبها.
من هنا أهمية قيام الشبكات المحلية لوسيطات السلام وأهمية صدور أدلّة لنشر المعرفة بالسبل الكفيلة بإنجاح جهود الوساطة”.
وختمت: “في هذه المناسبة أحيي هيئة الأمم المتحدة للمرأة والمركز المهني للوساطة في جامعة القديس يوسف اللذين نجحا في تأسيس ثلاث شبكات سيدات وسيطات على مستوى المجتمع المحلي في منطقة جنوب لبنان وفي مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين وأعرب عن تقديري وشكري لحكومة فنلندا ولمؤسسة ريبيكا دايكس لدعمها هذا المشروع”.