بين حفلات انتصارات جبران باسيل وسمير جعجع بالفوز بالاكثرية في الانتخابات النيابية، وبين معاركهما التي لم تنتهِ، ضاع اللبنانيون. لم يتعلما شيئاً من اخطاء الماضي. سئم اللبنانيون من سجالاتهما ومن تعداد انتصاراتهما، وهم يئنون وجعاً وجوعاً…
دخلت كتلتا “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” مجلس النواب بتباهٍ مطلق. اعتقد سمير جعحع انه يستطيع أن “يطربش” الاكثرية الجديدة، فلم يستطع جمعها تحت جناحه ورفضت تبنّي مرشحه. أولاً غسان حاصباني إذ لم يستطع أن يجمعها حوله.
رفضه التغييريون الجدد والمستقلون، وسار معه جنبلاط في حال تمّ ترشيحه وصّوت للرئيس نبيه بري بعكس ما كان يشتهي. فعدل عن ترشيح حاصباني، فتبنّى آخر لم يستطع تأمين الأكثرية حوله.
حتى زياد حواط الذي رشحه لأمانة سر مكتب مجلس النواب لم “يمرّ”. فظهر ان الأكثرية تتوحد ضد فريق ٨ آذار “والتيار الوطني الحر” ولا تتوحد مع “القوات اللبنانية”.
لم يخض معركة على المدى الاستراتيجي وربحها، فأثبت ان “تكتيكه” لا فاعلية له على المدى الطويل، اذ ان معاركه الآنية تحقق انتصاراً لا يدوم ولا يؤسس. يرفض ان يصدّق ان اي فريق او حليف لن يقبله قائداً عليه .
صحيح انه حقق كتلة كبيرة عملياً في الانتخابات النيابية لكن مفاعيلها لا تصرف في اي مكان، فشنّ هجوماً على التغييريين الذين رفضوه ولم يسيروا خلفه، ونعت من لم يجاريه بالخيانة. ناجح هو في الشعارات الطنانة، تبنّى شعار اسقاط منظومة “حزب الله” وحلفائه، واعتبر انه بهذه الشعارات يستطيع قلب موازين القوى، الا ان هذه المنظومة، وحلفاءه الآنيين أسقطوه في اول استحقاق، فحقق صفراً… وها هو يبرر اخفاقه بالمعارك الكلامية مجدداً مصوّباً على استحقاق مقبل آخر.
في المقابل، بدا ان باسيل، الذي رفع فيتواته بوجه الجميع وفرض خياراته في كل استحقاق، والذي كان حاجة للجميع، لم يعد حاجة سياسية. حتى ان حلفاءه أوصلوا مَن يريدون من دونه، وظهر انه لا يستطيع انجاز اي امر من دونهم.
لم يستطع تمرير من يريدهم من المحسوبين عليه، بل من فاز من نواب “التيار” هم من يملكون قيمة مضافة.
اضطر ان يسير بخيارات مقبولة لدى الاطراف السياسيين: الياس بو صعب وآلان عون، ممن حاربهم في الانتخابات النيابية لإضعافهم تفوقا عليه.
فلو لم يستقطبا مستقلين، نظراً الى خبرتهما السياسية وعلاقاتهما وتقبّلهما لدى الآخرين لما استطاعا ان ينجحا.
تلهى بخلافات تياره الضيقة والصغيرة، لم يتعلم من تجارب السنوات السابقة، وأكمل في محاولة فرض املاءاته، فكانت المعارضة الاولى الناجحة من داخل بيته البرتقالي…
تنتظرنا استحقاقات مصيرية في المقبل من الايام والشهور: من استشارات نيابية وتشكيل حكومة وانتخابات رئيس جمهورية، فهل سيغيّرا في الاسلوب، ام ان الطبع يغلب التطبّع؟