نشر موقع “العربي الجديد” تقريراً تحت عنوان: “هآرتس”: تل أبيب وواشنطن بحثتا ترحيل اللاجئين الفلسطينيين من لبنان خلال الغزو الإسرائيلي عام 1982″، وجاء فيه:
كشف تقرير في صحيفة “هآرتس”، الجمعة، بمناسبة مرور أربعين عاماً على الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، عن أن إسرائيل كانت، وخلافاً لادعاءاتها الكاذبة في مستهل الغزو حول أن قواتها لن تجتاز حاجز الـ40 كيلومتراً في العمق اللبناني، قد أبلغت الإدارة الأميركية برئاسة رونالد ريغن آنذاك أنها لم تخطط للتوقف عند الكيلومتر الأربعين من حدودها مع لبنان.
وقال التقرير إنه بعد أسبوعين على بدء الغزو الإسرائيلي للبنان، التقى رئيس حكومة الاحتلال وقتها مناحيم بيغن بالرئيس الأميركي رونالد ريغن، في واشنطن، حيث تمّ التداول خلال اللقاء أيضاً بـ”الحاجة” لإيجاد حلّ لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.اقتراح ترحيل اللاجئين إلى ليبيا والعراق
وبحسب “هآرتس”، فقد أقر الجانب الأميركي خلال اللقاء بـ”حق” إسرائيل بالعمل ضد قوات منظمة التحرير، لكنه احتج على قوة النيران والحرب الإسرائيلية، وعلى مصير آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في لبنان.
وقال بيغن لرونالد ريغن في هذا السياق، إنه يعيش في لبنان بين 350 و400 ألف لاجئ فلسطيني، وإن بينهم ما بين 15 و20 ألف “إرهابي منظمين مع سلاح ثقيل”، وإنه يجب على الأقل إجبار قسم منهم على مغادرة لبنان، معتبراً أن لبنان “بلد صغير”، وبالتالي اقترح بيغن ترحيلهم إلى بلد عربي آخر، “فليبيا تقول إنها صديقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهي دولة واسعة، فلماذا لا يأخذون إليهم بعض الناس؟ والعراق بلد مترامي الأطراف مع موارد كبيرة من مياه ونفط، فلماذا لا يذهبون إلى هناك؟ العراق بلد فارغ وسوريا فارغة”.
وأشار التقرير إلى أن بيغن حاول إيراد أمثلة على عمليات مماثلة من التاريخ الأوروبي الحديث بعد الحرب العالمية الثانية، مثل ملايين الألمان الذين تحولوا بعد الحرب إلى لاجئين في بولندا، ثم تم أخيراً توطينهم في ألمانيا، مدعياً أن إعادة التوطين هي الطريق الإنساني والطبيعي لحل مشاكل اللاجئين، مستعيناً أيضاً بما وصفه بأنه “استيعاب دولة الاحتلال بعد النكبة لنحو 800 ألف يهودي من البلدان العربية الذين تم “توطينهم” في إسرائيل، وتحولوا لمواطنين جيدين وأوفياء ويعملون بكد”.ولفتت الصحيفة في هذه النقطة إلى أن ريغن طرح سؤالاً ظل معلقاً بدون جواب: “هل توقف أحدهم وسأل هؤلاء الفلسطينيين عن رأيهم؟”.بيان رسمي كاذب عن هدف التوغل في العمق اللبناني
إلى ذلك بيّن التقرير أنه يُستدلّ من محاضر هذا اللقاء في حزيران من عام 1982 في البيت الأبيض، والتي نُشرت علناً في أرشيف وزارة الخارجية الأميركية كجزء من وثائق تمتد على مئات الصفحات التي تختص بالاتصالات الأميركية – الإسرائيلية بشأن الحرب الإسرائيلية على لبنان، كذب الادعاء الرسمي الإسرائيلي بأن هدف الحرب كان، وفق قرار الحكومة في الخامس من حزيران من نفس العام “تكليف الجيش بمهمة إخراج كافة المستوطنات الإسرائيلية الشمالية من مدى نيران الإرهابيين المركزين هم وقواعدهم وثكناتهم في لبنان، وتمكين المسيحيين المريحين لإسرائيل من الحكم”.
وحدّد الكابينت السياسي والأمني للحكومة هدف السيطرة والتوغل حتى عمق 40 كيلومتراً داخل الأراضي اللبنانية من خط الحدود، وهو ما كرّر بيغن تحديده في رسالة رسمية وجهها غداة إطلاق الحرب، في السادس من حزيران للرئيس ريغن، كما أعلن بيغن عن ذلك رسمياً أمام الكنيست في الثامن من حزيران.
لكن الغزو الإسرائيلي لم يقف عند خط 40 كيلومتراً، وواصلت الدبابات الإسرائيلية سيرها حتى العاصمة بيروت، وهو ما أثار جدلاً في داخل إسرائيل، تطوّر إلى فكرة أن أرئيل شارون خدع بيغن، وواصل التوغل بهدف تنفيذ خطة سياسية تمكن “المسيحيين المريحين أكثر لإسرائيل من حكم لبنان”، بعد أن يحتل الجيش بيروت، وادعى منتقدو شارون في هذا السياق أنه خدع بيغن.لكن التقرير في “هآرتس” يعلق على هذا الموضوع الذي كان ولا يزال محور جدل في دولة الاحتلال، حتى بعد أربعين عاماً على الحرب، بقوله: “إن تطرقاً مثيراً في هذه القضية يظهر في الصفحة الأولى من محضر جلسة في البيت البيض بتاريخ 21 حزيران 1982، عندما خالف الجنرال الإسرائيلي يهوشوا ساغي، الذي كان رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش “أمان”، الموقف الرسمي المعلن لحكومة بيغن بأن إسرائيل كانت ستتوقف عند الكيلومتر الأربعين، وأنها اضطرت وانجرّت بفعل تطورات الحرب إلى تخطي ذلك.
وأعلن ساغي أمام الحضور في البيت الأبيض: “لقد بدأت هذه الحرب بهدف إبعاد مدى الصواريخ عن مناطقنا الحدودية. لم نفكر بخط 40 كيلومتراً كخط نهائي”، وأضاف أن مدى نيران منظمة التحرير آنذاك كان أبعد من 40 كيلومتراً، ويتراوح بين 50 و55 كيلومتراً إذا نصبت منصات الإطلاق على التلال”. وبحسب التقرير، فإن إعلان الجنرال ساغي هذا لم يكن مفيداً أو مهماً، لأن إسرائيل كانت قد تجاوزت حتى ذلك التاريخ خط الـ40 كيلومتراً كما كان قد أدرك على أرض الواقع أيضاً الرئيس ريغن، بعد أن كان انتقد منذ التاسع من حزيران (اليوم الثالث للغزو) في رسالة وجهها لبيغن، تجاوز إسرائيل ذلك الخط بكثير.