ضفدع المقاومة: حكاية خيال غير علمي

12 يونيو 2022
ضفدع المقاومة: حكاية خيال غير علمي
جورج طوق
جورج طوق

لم أتخيّل يوماً أن تعود بي السياسة إلى مقاعد الدراسة الابتدائية، إلى سطورٍ خُطّت بالطبشور الأبيض فوق لوح أخضر من حكايا لافونتين على ألسنة ضفدع ويرقات.

لم نلحظ يوماً أنّ الحجم الذي وصلته الميليشيا، المسمّاة مقاومة، كان نفخاً. ربّما لأنّ النفس الأول الذي حبسته الميليشيا تلك كان أعمق وأسرع من لحظ الغالبية لضفدع المقاومة بحجمه الأصلي. ربّما أيضاً لأن نصل الضفدع المقاوم كان أرشق على فضول اليرقات من لسان ضفدع لافونتين.

ليس واضحاً ما إذا كانت الدولة هي ثور لافونتين أم هو الجيش أم الساسة أم الشعب، فالجميع كانوا، كالثور في الحكاية، لمقارنة الحجم فقط، بلا دور ولا حوار ولا تدخّل أو تداخل في الحبكة ولا في النهاية.

إلى مقاعد الدراسة الابتدائية أيضاً، تعود بنا السياسة إلى درس أبسط بكثير من أدب لافونتين. درس حدودي في الجغرافيا: “من رأس الناقورة جنوباً…”.

نتفهّم إغفال المقاومة لدرس في خرافات الأدب الفرنسي. ربّما استُبدلت الحصّة تلك بأخرى في ديماغوجية الموت في سبيل حكم أنصاف الآلهة أو بنشاط حرق علم العدو. فالأدب الفرنسي ليس من أدبيات ثقافة المقاومة. لكن أن تغفل الأخيرة حصّة في الحدود الوطنية، فذلك أكثر خرافة من خرافات لافونتين.

الخرافي أيضاً هو دفن مرسوم يحمي حدود الوطن لضابط سابق أقسم، قبل دخوله القصر، على حماية حدود الوطن وسلامة أراضيه. أمّا الأكثر خرافة من كلّ ما سبق فهو الصمت المطبق لخط السياديين على جريمة خيانة الخط ٢٩، والذي، حسبما غالباً يغالون، رسمه أسلافهم.

إن كانت بديهيات الجغرافيا المدرسية مغيّبة وممنوعة من الصرف في بازار الدول الممسكة بأطواق المقاومين والسياديين من زعاماتنا المسعورة، بأيّ عين تنظر الضفادع المنفوخة الى الأبحاث والدراسات والمحاضرات الأكاديمية لأمثال الدكتور عصام خليفة أو الى اقتراحات القوانين الحافظة للحدود لأمثال القانوني ربيع الشاعر أو الى هتافات نوّاب وثوّار ١٧ تشرين؟

كلّ شيء في لبنان فائق الخرافة، والعبرة في الخرافة هي الأهم، على غرار العِبَر في حكايا لافونتين. لا يهمّ من يغفل أو يتغافل عن دروس الأدب والتاريخ والجغرافيا وغيرها. فالمهم أنه، ومع انطلاق ثورة تشرين، كانت كلّ الضفادع المنفوخة قد بلغت ذروة أحجامها، وانفجارها بات مسألة وقت.

والأهم هو أنّ مشعوذي الخط ٢٩، بين مفاوضين وصامتين، أرسوا منصة للعدو الإسرائيلي فوق مياه لبنانية لشفط الغاز اللبناني. ربّما كان هذا، منذ البداية، الهدف من نفخ ضفادع مقاومة وأخرى سيادية، وعند بلوغ الهدف، يبدأ التفاعل التسلسلي لانفجارها جميعاً. في نهاية المطاف، العبرة تقول: الضفدع ينفجر.

المصدر لبنان الكبير