يمر لبنان بمرحلة متقطعة من الازمات الداهمة، فلا يكاد يتجاوز مطبا حتى يقع في مأزق من دون التوصل إلى حد أدنى من الحلول لواقع بات سورياليا بإمتياز. فمن ترسيم الحدود البحرية، إلى الاستشارات النيابية الملزمة،يبرز الاستعصاء اللبناني بابشع صوره.
وفق مصدر نيابي ، من المبكر اكتمال صورة الاستشارات الملزمة نهار الخميس المقبل، وسط “نغل” سياسي غير مسبوق لا يتعلق بتسمية رئيس الحكومة فقط، بقدر وضع الشروط مسبقة طالما ان الارجحية النيابية ذاهبة تلقائيا نحو الرئيس نجيب ميقاتي من جديد، لذلك تنصب كل الجهود على معرفة نسبة الأصوات التي سيحظى بها ميقاتي من دون بروز اسماء منافسة بشكل جدي.
في هذا المجال، يؤكد المصدر النيابي عينه بأن موقف “الثنائي الشيعي” أشد وضوحا في تسمية ميقاتي ، لكنه يفسح في المجال أمام أشكال “ميثاقي” لم يكن ضمن حسابات فريق عون السياسي على الإطلاق، كون تسمية ميقاتي من كامل نواب الشيعة يقطع طريق المناورات ويفضي إلى احراج سياسي كبير.
فقد بات واضحا، نهج باسيل عند كل تشكيل حكومة لناحية إثارة غبار المعارك والتلويح بالتعطيل سعيا للحصول على ثمن والظفر بما امكن من مكاسب ، في حين ان متطلبات الوضع الراهن لا تحتمل “الدلع السياسي” وتفرض التعاطي الجدي والمسؤول، خصوصا خلال الفترة الفاصلة عن نهاية عهد الرئيس ميشال عون.
فوفق المعطيات الأولية ، لا يمكن لباسيل المضي في هذا الاستهتار و استحضار اسماء لتكليف حكومة دون النظر لحجم الاهوال ودقة المرحلة المقبلة، فالحديث عن حكومة سياسية مكتملة يتتاقض مع استحضار شخصيات من خارج السياق السياسي العام ، كما ان التلويح بطرح اسماء اخرى تضع باسيل في مواجهة مباشرة مع حليفه حزب الله قبيل الاستحقاق الرئاسي بشهور قليلة.
في ظل هذه التعقيدات، يبقى رهان البعض على “الشرذمة السنيّة” داخل مجلس النواب ، وهذا ما يراه اكثر من طرف سياسي عاملا سلبيا وليس ثغرة يمكن استغلالها، خصوصا في ظل مهارة رئيس مجلس النواب نبيه بري في ضبط الوضع بصورة دقيقة منذ الجلسة الأولى، وهذا ما ينسحب على الحكومة رغم ارجحية التسمية من دون النجاح في التكليف وبلوغ الازمة حدا خطيرا من دون أن يبادر مطلق فريق سياسي على تقديم رؤية واضحة للحل.