الـ NFT سوق يفرض نفسه على الرغم من خطورته والتحذيرات منه، اذ أن مصرف لبنان في تعاميمه لم يتردد في تنبيه المواطنين من شراء ما يسمى بالـNFT أي الرموز غير القابلة للإستبدال، وحيازتها واستعمالها نظراً الى المخاطر التي تحملها، الاّ أن هذا العالم موجود ويكثر التداول به خصوصاً من الفنانين والرسامين تحديداً، والفنان والرسام اللبناني له حصة، فالعديد من رسامي لبنان الشباب استثمروا من خلال عرض لوحاتهم كـNFT وجنوا الأرباح جراء هذه التجارة.
لا بد أن هناك من لا يزال يجهل مفهوم التداول بهذه الرموز، ومنهم من لا يعي مخاطرها العديدة. فالـNFT رمز غير قابل للإستبدال كما ذكرنا، ما يضمن فرادته وله شهادة رقمية تضمن لشيء معيّن أصالته، وهذا الشيء يمكن أن يكون صوراً، رسوماً أو نصاً، اذ أن عالم الـNFT هو سوق للفنون بالمجمل، ويمكن للشيء حتى أن يكون تغريدة، فمؤسس “تويتر” عرض أول تغريدة له كـ NFT بثمن يوازي حوالي 29 ألف دولار.
الشهادة الرقمية، تثبت ملكية الشيء للشاري الذي يعقد مع البائع Smart contract، وقد صُممت الشهادة باستخدام تقنية سلسلة الكتل، بحيث لا يمكن تزويرها أو نسخها، فهذه الشبكة آمنة لتخزين ونقل المعلومات التي تتعقب المعاملات.
وفي حديث لموقع “لبنان الكبير” يوضح المحلل الاقتصادي جاسم عجاقة أن “التداول بالـ NFTs يستوجب فتح حساب ما يسمى بالـ Digital wallet على منصة وتعبئته بالـ cryptocurrencies ليتمكن من عرض وشراء كل ما يرغب، إذ لا يمكن إتمام عملية الشراء والبيع من دون وجود هذه المحفظة والأموال داخلها. وقيمة العملات الواجب توافرها في الحساب لا تحددها المنصات، إذ يمكن أن تتراوح بين 100 دولار ومليون أو 10 ملايين”، مشيراً الى أن “الرموز غير القابلة للإستبدال متاحة لعامة الناس منذ العام 2017 مع منصة كريبتو – كيتيز، واليوم هناك 5 من ألمع المنصات للـ NFTs ومنها كوين ماركت، اوبن سي وغيرها”.
عند الحديث عن cryptocurrencies لا ننسى مخاطر هذه “العملات” التقنية، إذ لا جهة مسؤولة عنها وعن التحكم بها، أما عن مخاطر هذه الرموز غير القابلة للإستبدال فيقول عجاقة: ”إذا اشترى أحدهم NFT معينة من خلال الـ cryptocurrencies فالبائع بإمكانه وضع هذه العملات التقنية في حسابه على المنصة أو بيعها وأخذ ثمنها مالاً، والشاري الذي امتلك حق ملكية الشيء تقنياً يُضمن له عدم استخدامها من غيره على الـ Blockchain، انما إذا أفلست المنصة أو أقفلت فتطير الملكية والأموال التي دفعت تذهب سدى”.
ومن المخاطر التقنية الأخرى، يضيف عجاقة: ”إن عارض الـ NFT يمكن أن يظهر بمظهر المالك الحقيقي وهو ليس كذلك ويوقع الشاري في عملية إحتيال. ويضاف الى المخاطر عدم وجود مرجعية قانونية موحدة للجوء إليها في مثل هذه الحالات. أما إستخدام المافيات الـ NFTs لتمويل الشبكات الارهابية ولتبييض الأموال فهو الأمر الأخطر على الإطلاق ومن الصعب ضبطه. وعلى الصعيد التقني أيضاً هناك فنانون يقعون في خسارة بسبب ما يسمى بالـ hidden fees أو ما يمكن اعتباره عمولة تتقاضاها المنصة عند كل إتمام عملية بيع، بحيث يدفع للعمولة مبلغ أكبر أحياناً من ثمن المبيع اذا كانت الـNFT معروضة بسعر قليل 100 دولار مثلاً”.
إن التداول بالـNFT يسهل على أصحاب الفنون الوصول إلى سوق واسع لعرض لوحاتهم مثلاً، والتجارة حرة فيه، فإذا اشترى أحدهم NFT من خلال الـ smart contract انتقلت الملكية تقنياً اليه وكان بإمكانه إعادة بيعها لجني الربح، إنما بحسب عجاقة “ما من ضمانة حقيقية لإمكان إعادة بيعها عملياً، فالـNFT يرتكز على إرضاء رغبات شخصية معينة ليس بالضروري توافرها الا عند الشاري ما يصعب إعادة التداول بها”. ويلفت الى وجوب دراسة العلاقة بين التداول بالـ NFT والتفرد في الحصول على الشيء مع علم الإجتماع.
على الصعيد اللبناني، فإن رأي الجهات القانونية تعطي مفاهيم معاكسة للأمور التقنية، إذ أنها تعتبر أن الملكية الفكرية لا تنتقل بالبيع والتفرغ عن الـ NFT ولا حتى إتمام العملية ينتج الحقوق الأساسية لتشعب عمليات أخرى جراء هذا العمل، بمعنى أي بيع ثانوي مثلاً، إنما الحق الذي يعطى هو ترخيص ضمني شخصي غير حصري لاستعمال الفن الموجود بالـ NFT شخصياً أو لعرضه أو التفرغ عنه لشخص آخر ليعرضه.