لا يخفي زوار عين التينة استشعار رئيس مجلس النواب نبيه بري الخوف الكبير من المرحلة المتبقية من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون. خوف ليس على الصعيد الأمني بتاتاً، إنما الخوف التقليدي من تعقيد العلاقات السياسية أكثر فأكثر في الشهور الأربعة المتبقية من عهد الرئاسة، والوصول الى استحقاق انتخاب رئيس جديد بمزيد من التأزم. هذا لا يعني أن الرئيس بري يستبعد امكان الاتفاق على رئيس يخلف عون، إنما فعلياً هذا الاستحقاق لم يوضع بعد على نار حامية، ولكن سيبدأ البحث فيه من اليوم وصاعداً.
مصادر مطلعة على أجواء الثنائي الشيعي تقول لموقع “لبنان الكبير” إن ما يربط “حزب الله” بحركة “أمل” علاقة متينة ولا إشكال بينهما ولا حتى تباين، لا بل بالعكس، “حزب الله” كان أكثر حماسة من “أمل” لتسمية الرئيس نجيب ميقاتي، ولم يحصل أن تحمس الى هذه الدرجة لميقاتي منذ أن دخل الحزب الحياة السياسية، لأنه يعتبره ضمانة له في ظل الاقتراحات التي كانت في سباق التكليف.
دعم الثنائي الشيعي لميقاتي في التكليف هو نفسه في التأليف. وفعلياً فإن “أمل” كما “حزب الله” أعطياه دفعة في التأليف من خلال قبولهما باقتراحه الذي يعتمد على الابقاء على هيكلية حكومة تصريف الأعمال، مع إجراء بعض التعديلات على أسماء بعض وزرائها. الا أن هذا الأمر لا يعني تعديلاً وزارياً، لأن حكومة تصريف الأعمال ستُقبل استقالتها وتوقع مراسيم الحكومة الجديدة بعد التعديل في حال سلكت مسار التوافق.
كتلة “التنمية والتحرير” شجعت ميقاتي على اقتراحه، اذا كان يجد في ذلك سهولة لولادة الحكومة، والكتلة أيضاً لا مشكلة لديها في أي حكومة من سياسية الى تكنو – سياسية أو تكنوقراط أو مستقلين، ولكن شرط أن تكون هذه الحكومة مقبولة وتحافظ على التوازنات.
فأي تغيير في الأسماء وفق الثنائي الشيعي لن يعقد عملية التأليف، وخصوصاً أن القوى التي تريد أن تتمثل في الحكومة العتيدة هي أساساً موجودة في حكومة تصريف الأعمال، وذلك في ظل قرار “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”التغييريين” عدم المشاركة، أما “الاشتراكي” الذي يرفض علانية المشاركة الا أنه عملياً يقبل ببقاء الوزير عباس الحلبي في الحكومة، وبذلك يكون قد شارك وفي الوقت نفسه غير مسؤول عن هذه الحكومة، أما المقعد الدرزي الآخر فيُحلّ ضمن صيغة مقبولة وبتسمية لا تستفز جنبلاط.
كل هذه الايجابية ستقف عند أبواب بعبدا بحكم توقيع رئيس الجمهورية. وتقول مصادر مطلعة على مشاورات التأليف إن الرئيس عون لن يقبل بطرح تبديل الأسماء، وخصوصاً اذا مسّ ميقاتي بالوزراء المحسوبين على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. في حين أن ميقاتي مصر على عدم إبقاء وليد فياض وزيراً للطاقة، وأي اسم بديل عن فياض سيطرحه ميقاتي من دون موافقة باسيل لن يقبل به عون، وهذا يعني إشهار توقيع الرئاسة الأولى في وجه التأليف. لذلك فإن الانطباع العام الذي يحكم المشاركين في المشاورات الضيقة أن لا حكومة أصيلة في الأفق، وإخفاق ميقاتي في انجاز التأليف. وتقول المصادر أيضاً، إن ميقاتي لن يبذل جهداً استثنائياً، ولو أنه بالشكل سيزور بعبدا مراراً وسيقدم أسماء يعرف أنها محروقة سلفاً. لذلك فإن كل ما يُقال عن أن الرئيس ميقاتي يحمل في جعبته صيغة حكومية جاهزة هو كلام غير واقعي، الا اذا كان يدرج أسماء يعرف مسبقاً أنها ستُرفض من عون.
وعلى هذه القاعدة العونية التي تقول “لعيون صهر الجنرال ما تتألف حكومات” سيغرق ما تبقى من العهد في السجالات وتأزم العلاقات، وهذا ما يفسر تخوف الرئيس بري مما قد تشهده الساحة السياسية نتيجة الطموحات الرئاسية.