في يومه العالمي… الشباب اللبناني مغيّب ومحبط

16 يوليو 2022
في يومه العالمي… الشباب اللبناني مغيّب ومحبط
حسين زياد منصور

انطلاقاً من أهمية تزويد الشباب بالمهارات اللازمة في مختلف المجالات وتعزيزها وتمكينه من ريادة الأعمال، كرّست الأمم المتحدة في العام ٢٠١٤ الخامس عشر من شهر تموز يوماً عالمياً لمهارات الشباب.

لطالما شكل الشباب ركيزة أساسية من ركائز المجتمع، فهو مصدر القوة والطاقة والتقدم وجسر النهوض بالمجتمع نحو المستقبل.

واليوم في ظل تحديات إقليمية وعالمية عديدة عصفت بمختلف مجتمعات العالم، أبرزها كان وباء كوفيد ١٩، كان لا بد من بذل جهود لتحقيق التعافي الاجتماعي والاقتصادي بهدف إيجاد البدائل لتمكين الشباب من مواصلة دوره الريادي في المجتمع.

يمتلك الشباب الطموح والحماس والحيوية والطاقة الإيجابية، وهنا تكمن أهمية استثمار طاقاته وتطوير قدراته وإمكاناته، فهو رائد عملية التغيير والتقدم.

تقول الأستاذة الجامعية لينا غالي المتخصصة في مجالي الشباب والتفاوض: “ان الشباب عماد المجتمع، وفي كل الدول خاصة المتطورة تركز على هذه الفئة، التي لها أدوار في مختلف القطاعات ان كان في الاقتصاد أو الإنتاج أو التطوير، الى جانب كونها الواجهة في الأزمات والحروب لما تتمتع به من قدرات وطاقات إضافة الى حب الاطلاع، فدورها في المجتمع مهم اذ تعتمد باقي الفئات العمرية من أطفال وكبار في السن عليها، وهذا العامل يعطيها القدرة على إحداث الفرق والتغيير”.

اليوم في ظل الاقتصاد المعرفي القائم على الأفكار الإبداعية أصبح دور الشباب مضاعفاً، ففي الدول المتقدمة يخصص جزء مهم من موازنتها في سبيل اقتصاد المعرفة، صحيح أن التجارة والصناعة هي الأساس في بناء اقتصاد المجتمع، لكن اليوم الأفكار النادرة أصبحت من هذه الركائز والشباب هو من يبتكرها، فمن ناحية التكنولوجيا على أنواعها فئة الشباب هي الأكثر قدرة على استخدامها أكثر من غيرها كالأطفال وكبار السن وهذا ما يفتح لها الكثير من الآفاق، لذلك يجب التركيز على هذه الفئة التي تتراوح أعمارها بين ١٥ و٣٠ عاماً بصورة دائمة وتقديم الدعم لها.

وتوضح غالي أن “نسبة الهجرة والتسرب التي يعاني منها الشباب اللبناني للأسف كبيرة جداً، وهو ليس أمراً جديداً في ظل الأزمات التي نعيشها. ان هجرة الشباب التي تحصل الآن ومنذ عشرات السنين، ستجعل من المجتمع اللبناني مجتمعاً هرماً يضم الأطفال وكبار السن فقط، واليوم عدد كبير من الشباب يذهب الى الدول العربية ولا يمكننا أن نسميها هجرة، انما في سبيل كسب العيش فقط، فمعظمهم يعود، اما من يذهبون الى دول المهجر فهؤلاء يصنفون ضمن الهجرة”.

وتضيف: “ان فئة الشباب هي الأكثر رغبة في السفر أو الهجرة وخاصة من هم دون ٢٨ عاماً، لكن اليوم في ظل هذه الظروف مختلف الفئات تسعى الى الهجرة، ما يجري نزيف ولا يصب في مصلحة مجتمع كالمجتمع اللبناني القائم على طاقات هذه الفئة وأفكارها. الشباب اليوم محبط لعدة أسباب أبرزها التهميش الذي يتعرض له في مجالات ريادية مهمة، وأصبح كل همه تأمين مستقبله من فرص عمل ومعيشة في دول أخرى، وان لم يتم تدارك الأمر والانتباه اليه ومساعدته فإن المجتمع اللبناني سيعاني من عدم الاستقرار والتوازن”.

وعن الخطوات الواجب اتباعها في سبيل تطوير مهارات الشباب، ترى غالي أن “الشباب يتمتع بالديناميكية والطاقات التي تؤهله وتخوله القيام بأعمال ريادية، لكن الرغبة عند صناع القرار بدعم الشباب ضائعة ومغيّبة، لذلك عليهم اتخاذ خطوات عدة، أبرزها ورشات عمل وتدريب يتمكن الشباب من خلالها من إعطاء الآراء بحرية، وإشراكه في مؤتمرات تبرز دوره داخل المجتمع، مما ينمّي اقتصاد المعرفة الذي نحتاجه بصورة كبيرة في لبنان في ظل غياب الكثير من المقومات والثروات التي يمكن استغلالها في سبيل الاقتصاد، وما له من مردود مادي بحاجة اليه”.

وتعتبر أنه “يمكن الضغط على المؤسسات والشركات الكبرى أيضاً لإشراك الشباب وتوظيفه في أعمالها للافادة من مهاراته وتطويرها. والأهم من ذلك تشكيل مجموعات ضغط للتأثير في الكثير من القرارات وتوظيف الشباب ذي الكفاءات العالية والمناسبة في المكان المناسب، الى جانب ذلك، على الدولة توجيه الشباب والمساعدة في اختياراته، خاصة في المجالات الجامعية فمن الممكن الجمع بين اختصاصين يمكن الافادة منهما وخلق فرص جديدة”.

وتشير غالي الى ضرورة الالتفاف حول التخصصات المهنية والاهتمام بها، لما لها من أهمية كبيرة، وحاجة سوق العمل الى هذا النوع من التخصصات.

يواجه الشباب اللبناني اليوم تحديات عدة أبرزها البطالة على أنواعها وهي عامل أساس في تدمير مهاراته وعدم استغلالها أو تدفعه الى الهجرة للخارج نتيجة المشكلات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات، فإن لم تتحرك القيادات المسؤولة في الوقت المناسب فمصير الشباب ضبابي ما يؤثر بدوره على استمرارية المجتمع.

المصدر لبنان الكبير