كتبت لينا فخر الدين في” الاخبار”: لانّ المعركة الإنمائيّة تحوّلت إلى معركة «حماية حقوق المسيحيين»، وصل «تكتل لبنان القوي» إلى مجلس النواب أوّلاً. إذ تقدّم النواب: إدغار طرابلسي ونقولا صحناوي وسيزار أبي خليل باقتراح قانون يرمي إلى استحداث بلديتين في بيروت، تضم الأولى: الأشرفية، الصيفي، الرميل، المدوّر والمرفأ، وتشمل الثانية: ميناء الحصن، الباشورة، رأس بيروت، المصيطبة، زقاق البلاط وعين المريسة. وينص الاقتراح على أن «تتمتّع كل بلدية بالاستقلال المالي والإداري والسلطة التقريرية التي تمكّنها من ممارسة عملها ضمن نطاقها الجغرافي وتبقى خاضعة لسلطة المحافظ التنفيذية، على أن يجتمع المجلسان في جلسة مشتركة شهرية وفقاً لجدول أعمال محدد سلفاً على أن تحضر كل بلدية جدول أعمالها».
وإذا كان العونيون والقواتيون قد اتفقوا على فكرة «تشليع» البلدية إلا أنهم لم يتفقوا على التفاصيل. ولذلك، لم يتبن نواب القوات اقتراح القانون المقدّم من قبل «لبنان القوي»، بل يعملون على اقتراح قانونٍ ثانٍ «عندما يحين الوقت المناسب وبعد أن نكون قد دققنا بتفاصيله وناقشناه مع القوى الأخرى»، وفق ما يقول حاصباني لـ«الأخبار»، رافضاً وصف التقسيم بـ«الطائفي»، باعتبار أن نحو 15% من أهالي بيروت الأولى ليسوا مسيحيين، «لكن المشكلة تكمن في الإنماء غير المتوازن بين المنطقتين وهذا ما يظهر بشكل جلي في نفقات البلدية، على اعتبار أن أعضاء المجلس البلدي الذين يمسكون بزمام الأمور ويديرون الدفة يعملون على استرضاء الأوزان الناخبة».ويلفت حاصباني إلى أن «هؤلاء الأعضاء الذين ينفردون في القرارات والأولويات وإدارة البلدية لا يهتمون بمبدأ المحاسبة لأنهم يدركون أنهم سيصلون مرة ثانية إلى البلدية بغض النظر عن أصوات ناخبي بيروت الأولى. لذلك، نريد أن يتم فرز المجلس بالمحاسبة وهذا لا يحصل إلا بقرب الناخب من المنتخب من أجل الحفاظ على سيرورة العمل البلدي»، مشدداً على «أننا مع وحدة بيروت، في حين أن الذين يستخدمون الخطاب الطائفي لمنع هذا المشروع يريدون حرف الأنظار عن أهدافه الحقيقية في معالجة الخلل الحاصل».
حاصباني نفى أن تكون المعضلة الحقيقية في تعطيل المجلس البلدي هي إناطة السلطة التنفيذيّة إلى محافظ بيروت. وهو أيضاً ما يردده النائب نقولا صحناوي، الذي يشير لـ«الأخبار» إلى أن «شدّ الحبال بين المحافظ ورئيس البلدية ينتفي في حال تم تقسيم البلدية، بالتالي فإن القوى المسيحية تتفاهم في ما بينها لتمرير المشاريع المتوقفة»، معتبراً أنّ المناصفة في خطر بفعل الديموقراطية وكثرة اللوائح في الاستحقاق المقبل.منسق القوات في بيروت يلفت إلى أن «هناك من يتهمنا بأننا نريد تقسيم لبنان وأننا أصحاب مشروع انعزالي، في حين أن كل همنا هو تنفيذ المشاريع لأبناء بيروت الأولى»، معدداً مشاريع لم تنفذ كمشروع حديقة السيوفي واليسوعية، مضيفاً: «اعطونا البلدية وسترون كيف يمكننا تنفيذ المشاريع بعد فترة وجيزة ومجاناً». ودعا حديفة إلى «استفتاء شعبي لأبناء منطقة بيروت الأولى على نفقة نوابها للتأكيد أن أكثر من 80% منهم يريدون هذا التقسيم بسبب حرمانهم من الخدمات والمشاريع»، واصفاً الكلام عن أهمية وحدة المجلس البلدي بأنه «مجاملة كاذبة».
في المقابل، يؤكد عضو المجلس البلدي عبدالله درويش «أن تقسيم البلدية يعيدنا إلى زمن الحرب الأهلية وفي حال أصرّوا على الأمر فإننا أيضاً نطالب بإعطاء الصلاحيات التنفيذية للمجلس البلدي المعطاة حالياً للمحافظ». وعن الإنماء غير المتوازن، دعا «زملائي إلى جولة على الطريق الجديدة وكورنيش المزرعة وزقاق البلاط والخندق الغميق… ليتأكدوا أن هذا الأمر غير صحيح إطلاقاً».
«بعض القوى السياسية أخذت الموضوع إلى البازار السياسي باستخدام الغرائز الطائفية ليتحوّلوا إلى أبطال على الساحة المسيحية»، بحسب عضو المجلس البلدي أنطوان سرياني، مشيراً إلى أن «من الواضح وجود سباق شعبوي على تقسيم بلدية بيروت تحت ذرائع مختلفة وللأسف إن من يطالب بالتقسيم لا يفقه بطريقة عمل المجلس البلدي»، مطالباً بـ«تكريس المناصفة بقانون ومن دون تقسيم».في المحصلة، فإن الجميع متأكد أن مشروع تقسيم البلدية هو «طبخة بحص»، فلا هو سيطرح في الجلسة العامّة ولا سينال الأكثرية، ولكن النية أبعد من ذلك. هؤلاء يقولون إنّه بغض النظر عن مصير الملف في المجلس النيابي، «ولكننا نجحنا في وضعه على الطاولة إلى حين طرح أي تعديل دستوري أو تسوية شاملة»!