كتب جورج شاهين في ” الجمهورية”:
على وَقع ردات الفعل المتشعبة التي تركتها مجموعة القمم الثنائية التي عقدت على هامش “قمة جدة للأمن والتنمية”، تجهد المراجع الديبلوماسية لمعرفة ما جرى في كواليسها. وفي الوقت الذي غاب لبنان عن طاولتها، فقد حضر ملفه في مجموعة من أوراقها بلغة استنسخت البيانات الدولية والخليجية السابقة. وقبل ان تنضَح “قمة طهران” بما سينتج منها، لن تكتمل الصورة لتقدير نصيب لبنان من الاهتمام الدولي.
وعلى رغم من وقوع البند الخاص بلبنان في مرتبة مختلفة على لائحة الازمات التي صدرت في شأنها المواقف المشتركة فإنها ركّزت على أدقّ التفاصيل منها، تلك التي اشارت الى “دعمهم سيادة لبنان، وأمنه واستقراره، وجميع الإصلاحات اللازمة لتحقيق تعافيه الاقتصادي”. وبعد الاشادة بالانتخابات النيابية، دعت “جميع الأطراف اللبنانية لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية في اشارة الى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية. كما اشادت القمة بـ”جهود أصدقاء وشركاء لبنان في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية” مع التنويه خصوصاً بـ”مبادرات دولة الكويت الرامية إلى بناء العمل المشترك فيما بينها”، وإعلان دولة قطر الأخير عن دعمها المباشر لمرتّبات الجيش اللبناني.
وبعد ان دخل البيان في أدق التفاصيل عندما تناولَ مرتّبات الجيش اللبناني “أكدت الولايات المتحدة عزمها على تطوير برنامج مُماثل لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي” قبل التنويه بالدعم الذي قدّمه العراق “في مجالات الطاقة والإغاثة الإنسانية”. ولم ينس البيان أن يشير الى دعوة “جميع أصدقاء لبنان للانضمام الى الجهود الرامية الى بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع اراضيها، بما في ذلك تنفيذ أحكام وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلّا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها”.
وعليه، طرحت بعض الاسئلة في الاندية الديبلوماسية، ومنها: لو كان لبنان حاضراً في هذه القمة فهل كان سيحصل على أكثر ممّا ناله منها؟ وقبل ان ينتظر احد اي جواب يعترف العارفون انّ السياسة التي اعتمدها الحكم في لبنان عَزلته عن مثل هذه القمم، ولذلك فإنّ الترحيب اللبناني بنتائجها لم يقدّم ولن يؤخر ولن يكون له اي قيمة، خصوصاً اذا صدر عمّن تعنيه ملاحظاتها ومن يحمّلونهم مسؤولية الانتقال بلبنان من حال “النأي بالنفس” الى ركوب موجة المحاور الاقليمية والدولية ولم يتجاوب يوماً مع مضمونها في ظل المناكفات الحكومية والسياسية المستمرة والفشل في ادارة الخدمات العامة التي شارفت على الغياب الكلي عن مختلف حاجات اللبنانيين.
والى مُجمل هذه الاسئلة والملاحظات السلبية طُرح سؤال آخر عن أسباب تغييب لبنان عن “قمة طهران”، وان كان الجواب ليس صعباً، ففيه ما يستحق انتظار نتائجها؟