في اطار الكباش الرئاسي الذي بدأت تباشيره تظهر بشكل علني في الايام الماضية، يبدو ان المعركة الاساسية تقوم على فكرة اعادة ترتيب البيت اللبناني وفتح مسارات اضافية تريح الاطراف الاقليمية والدولية المعنية بالملف اللبناني، وهذا يعني ان التسوية بمعناها الواسع ستحدد مصير الاستحقاق الرئاسي الذي سيكون بدوره تمظهرا للتسوية اللبنانية العامة.يسعى كل طرف الى تحسين شروطه قبل التسوية، بمعزل عن التطورات العسكرية التي قد تطرأ، لذلك فإن الاميركيين مثلا يرغبون بشكل واضح بالحفاظ على الوضع القائم، بمعنى عدم حصول تطورات جذرية في شكل النفوذ في البلد، او حتى في مسار ومصير السلطة العميقة فيه. وهذا الامر، بحسب مصادر مطلعة ، يشكل غاية اميركية حقيقية.لكن هذه الغاية لا تعني بقاء الانهيار على حاله، بل ان الاستقرار الاقتصادي او فرلمة الانهيار سيكون الثمن لعدم ذهاب حزب الله بعيدا في محاولة استغلال الواقع الحالي للدولة اللبنانية ومؤسساتها، في حين ان الحزب لديه حسابات اخرى لم يعلن عنها بشكل واضح حتى الان.يرغب الحزب بعودة عقارب الساعة الى مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية عام ٢٠١٨، اي انه يريد ان يعود قادرا بشكل كامل على المناورة السياسية انطلاقا من حضور قوي له ولحلفائه داخل الدولة والمؤسسات، وهذا ليس الوضع القائم بنظر الاميركيين الذين يرون ان التطورات الاخيرة كبلت حلفاء الحزب واضعفتهم.من هنا يطرح السؤال المرتبط بالاستحقاق الرئاسي، اذ ان طرح الاسماء باكرا في ظل انعدام الرؤية الاقليمية، يحرقها، ولا يعزز ظروفها، فماذا عن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي لا يزال حذرا في بدء معركته المباشرة في مثل هذا التوقيت السياسي الحساس.الحيادية التي يتعاطى فيها فرنجية في الاستحقاق الرئاسية تجعله قادرا ان يقترب من ان يكون مرشح تسوية وليس مرشح حزب الله بالمعنى الحاد للكلمة، اي انه لن يكرر الواقع الذي فرضه الحزب خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث اوصل عون بالرغم من الرفض الاقليمي شبه الكامل.يريح فرنجية حزب الله في القضايا الاستراتيجية ويطمئنه، لكنه في الوقت نفسه ليس في خندقه المرتبط بالتعاطي مع الدولة والنظام اللبناني، بل هو في صلب الطائف والنظام التقليدي ويحظى بعلاقة جيدة مع دول الخليج، ما يعني انه يشبه الى حدود معينة التسوية التي قد تنشأ بين دمشق والرياض ويريح الطرفين. هذا كله مرتبط بالتطورات الاقليمية والدولية التي ستلعب الدور الاكبر في الاستحقاق الرئاسي.