كان لموسم نتائج الامتحانات الرسمية هذا العام نكهة طائفية، فللمرة الأولى تقريباً يتمّ فرز الطلاب الأوائل وفق تبعيتهم المذهبية.
وعلى هذا المنوال أبدع المحللون والناشطون وحتى بعض رجال الدين الشيعة، في تكرار لازمة “الشيعة هم الأوائل”، متبعة بنكتة “لازم باقي الطوائف يشدّوا الهمّة أو مضطرين نقسم”.
وفي ردّ على هذه اللازمة، تداول ناشطون أُخر عبارة لا تختلف عنها شيئاً في النفس المذهبي اللبناني ألا وهي “بس وائل عرقجي سنّي”.
ولكنّ اللافت أنّ هذا الترند لم ينطفئ سريعاً كالعادة، ولم يكن مجرد نكتة “سمجة” عابرة، فبعد المباراة التي خاضها المنتخب اللبناني ضد نظيره الأردني والأداء المميز الذي قدّمه اللاعبون وفي مقدمتهم علي حيدر ووائل عرقجي، خرج أحد رجال الدين الشيعة معتبراً أنّ التصفيق لعرقجي وتهميش حيدر هو نوع من الاستهداف، وكأنّ الطائفة تضرب في رياضييها!
أصحاب هذه النظرية – ومن بينهم الشيخ الجليل – لم يتابعوا ردود فعل اللبنانيين وهم يشاهدون مباراة اليوم النهائية، ولم يلحظوا حبس الأنفاس في كلّ مرة يخطف بها لاعب لبناني الكرة، لم يسمعوا التصفيق لكل اللاعبين، فالمشاهد لا وقت لديه لأن يفكر في مذهب حامل الكرة، ولا أن يفكر في هوية الذي يسجّلها!
ففي الملعب، وائل عرقجي “لبناني”. وكذلك علي حيدر. وكذلك سائر اللاعبين.
ففي الملعب، المنتخب هو ببساطة “منتخب الوطن” الذي استطاع في لحظة خاطفة إخراجنا من قوقعة الانهيار، ومنحنا بعض الأمل!
بل وأكثر، هذا المنتخب وجّه بشخص لاعبه عرقجي صفعة لرئيس حكومة الانهيار، مطالباً إياه “بالصمت”، مطالبة التف حولها جميع اللبنانيين. هو منتخب ليس منفصلاً عن واقع البلد المكسور ولا عن الأزمات ولا عن المعاناة، هو منتخب يعرف جيداً أين “الشطط” و”النشاز”، وأنّ الطبقة السياسية بأمّها وأبيها هي أبرز أسباب الفشل فيما أبطال الكرّة هم رأسمال لبنان وطريقه إلى النجاح!
فيا سماحة الشيخ، ويا كرام الناشطين والمحللين و”المهضومين”.. وائل عرقجي ليس سنياً وعلي حيدر ليس شيعياً.. والأوائل في لبنان ليسوا مفروزين وفق طوائف وقبائل.
هؤلاء جميعاً هم لبنان، هم أمل لبنان.