بدأت محركات الدبلوماسية الفرنسية عملها بكامل قدراتها وتعبئتها دوليا وإقليميا ولبنانيا قبل شهر أب (شهر العطل الفرنسية). ومن هنا جاءت زيارة المندوب الرئاسي الفرنسي إلى بيروت بيار دوكان في جولة استطلاعية كانت اشبه بمهمة تقصي الحقائق لوضع تقريره النهائي الذي سيجدد مسار التحرك الفرنسي تجاه لبنان مطلع أيلول المقبل والذي سيتزامن مع بداية معركة رئاسة الجمهورية دستوريا.
و تقول مصادر فرنسية تابعت زيارة دوكان لـ “لبنان24” انه عاد بالكثير من التفاؤل لجهة اقتراب لبنان من نهاية النفق وان كانت المسافة المتبقية طويلة ومظلمة وان الجسد اللبناني في حالة وهن. فدوكان ابلغ المسؤولين نتائج الاتصالات الرئاسية الفرنسية مع المعنيين بالملف اللبناني في ملفات عدة ابرزها ملف ترسيم الحدود الذي بات جاهزا وان الكل تبلغ ذلك والمسألة مسألة توقيت وهو ما دعا القيادة الفرنسية الى الايعاز لشركة توتال لتجهيز نفسها لاستعادة نشاطها في البلوكات اللبنانية .
كذلك وضع دوكان المسؤولين اللبنانيين في أجواء الاتفاق الفرنسي – السعودي حول المساعدات للشعب اللبناني لضمان صموده الى حين نهاية الازمة، مؤكدا أن الطرفين وضعا الخطوط العريضة لأولويات وصول هذه المساعدات خاصة وان ليس هناك من خطط و برامج جاهزة، وان قمة الخلافات لا تزال قائمة حول التفاصيل، والتي يرجح ان يكون قد تم البت بها في لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع الرئيس ايمانويل ماكرون.
وبحسب ما ينقل عن دوكان، فان ماكرون قد يتخذ قرارا بمساعدة الشعب اللبناني بصورة احادية في حال بقي الخلاف حول التفاصيل مع السعودية وسيظهر ذلك في الايام الاولى من شهر أيلول المقبل.ومن المحتمل ان تتضمن الحزمة مساعدات للمدارس والجامعة اللبنانية، لكنه يشير في الوقت نفسه الى ان غياب الاصلاحات ومكافحة الفساد يعرقلان مسار المساعدات الدولية التي تتوقف على مدى استعادة المجتمع الدولي ثقته بلبنان وسياسييه. علما انه من المتوقع ان يوفد الرئيس ماكرون وفدا سياسيا واقتصاديا رفيع المستوى إلى لبنان منتصف أيلول المقبل حاملا مشروعا جديدا ومطالب محددة.
الواضح من المصادر الرئاسية الفرنسية ان ملف لبنان حضر في المباحثات بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يسعى لاقتناع بن سلمان بأهمية تعزيز دور السعودية في لبنان في المرحلة المقبلة في ضوء المتغيرات التي تشهدها الساحة الإقليمية. فباريس تبدي استعدادا لتوظيف علاقاتها الدولية الإقليمية للعودة السعودية إلى لبنان، لا سيما وان الأعذار والأسباب التي تقدمها المملكة حول انسحابها من لبنان ليست مقنعة، متوقعة ان تظهر نتائج القمة الفرنسية – السعودية قريبا جدا في لبنان، علما ان زيارة ولي العهد السعودي الى باريس هي اول أول زيارة يقوم بها الأخير لأوروبا منذ اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في العام 2018، وسبقتها زيارة ماركرون الى جدة في العام 2021 اعلن خلالها عن مبادرة فرنسية سعودية لمعالجة الأزمة بين الرياض وبيروت.
في خضم فقدان الثقة كليا بين باريس ومعظم القيادات المارونية اللبنانية وخاصة القوات اللبنانية و التيار الوطني الحر ،فإن فرنسا تحاول نقل وجهة نظرها إلى الرياض،ويبدو ان السعودية في طريقها إلى تغيير نهجها في لبنان الامر الذي سينعكس بشكل سريع على مسار انتخاب رئيس جديد للبنان وتشكيل حكومة، ولو تأخر الامر بعض الوقت إلى حين عودة القوى الداخلية إلى احجامها الطبيعية .