هو ليس فئة عادية، انه الجيش اللبناني من يحمي أرضنا وحدودنا وشرفنا، وعلى الرغم من كل الصعوبات التي تواجه عناصره من الناحية المادية والمعيشية لا يزالون يقومون بواجباتهم على أكمل وجه. ولا يكفيهم الفقر والعوز في هذه المرحلة الصعبة المهيمنة على البلاد، خاصة في ظل الغلاء المستشري وقلة المساعدات الخارجية، حتى تأتي فئة معينة وتستغل كل فرصة سانحة من أجل الاستهزاء بقدراتهم، من خلال تنصيب نفسها الوحيدة القادرة على حماية أمن لبنان وحدوده.
في كل خطاب للأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله يتحدث بكل ثقة وطلاقة ويستخف بقدرات الجيش لضرب معنوياته، وهذا الكلام مرده الى أمرين: اما أنه يحاول جذب الأنظار اليه من خلال تنصيب نفسه الوصي على لبنان والقادر على مواجهة إسرائيل من جهة، أو أنه يحاول السيطرة على بيئته الشيعية ومناصريه من خلال شد العصب وإستخدام مصطلحات تساهم في غسل الدماغ بطريقة معينة من جهة أخرى. ولكن هل من المسموح التقليل من قوة الجيش معنوياً؟ وكيف يصف أهل الإختصاص هذه التصرفات التي تؤثر سلباً على نفسية العسكري؟
أشار العميد السابق خليل الحلو لموقع “لبنان الكبير” الى أن “كل المحللين والمراقبين الجديين حذروا منذ أربع سنوات حتى يومنا هذا من انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان وأنه سينتج عنه انهيار اجتماعي يدخلنا الى فوضى على مختلف الصعد. ونحن اليوم موجودون في القعر، والأداة الأساسية لضبط الأمن والفوضى تتمثل في الجيش، وفي الوقت نفسه هي أقل طبقة تأتيها المساعدات. وعلى الرغم من كل الصعوبات القصوى لا يزال العسكري ينفذ مهامه ولا يزال الوضع الأمني مستقراً الى حد كبير وكل هذا بفضله”.
وقال الحلو: “لا بد من توجيه تحية الى كل عسكري لا يزال يقوم بواجباته، وممنوع الاستهزاء بقدرات الجيش من الناحية القانونية، وهناك نصوص في القانون تمنع ذلك، ومن الناحية الأخلاقية والوطنية كل تلك التصرفات ممنوعة، وما يحصل من قبل السيد نصر الله أو جماعة حزب الله يهدف الى اعطاء مصداقية للحزب وتصويره بأنه هو من يحمي لبنان والمدافع عن مصلحته وبأن الجيش موجود للمواضيع البسيطة والشكاوى فقط”.
أضاف: “هذا الاستهزاء مخابراتي، ويهدف الى التقليل من قيمة الجيش وضرب معنوياته من جهة، ومعنويات اللبنانيين من جهة ثانية من خلال جعلهم يخضعون لارادة حزب الله أو جعل مؤيديه يتمسكون أكثر بالحزب الحامي. مع العلم أن الجيش لم يقصر يوماً في واجباته لا في وجه اسرائيل ولا في وجه داعش، وعملية فجر الجرود لو كان باستطاعة حزب الله القيام بها لما توانى لحظة. ومن وقف في وجه داعش ومنعها من القيام بأعمال إرهابية هو الجيش، ومن يريد التطاول على هيبته فليعد النظر في الوقائع”.
ولفت الحلو الى أن “الجيش في تاريخه منذ الاستقلال حتى اليوم لم يكن بهذه القوة، من حيث سلاح الطيران أو الأسلحة والذخائر الذكية واللوجيستية. بالاضافة الى أنه ليس هناك مواطن لبناني من أقصى الشمال حتى أقصى الجنوب لا يثق بالجيش أو لا يحتضنه باستثناء مؤيدي حزب الله وأنصاره، وهذه نقطة قوة لا يمتلكها حزب الله، ناهيك عن أن الجيش يحظى بدعم من الدول الصديقة كالولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، والدول العربية مصر والكويت والامارات العربية المتحدة والأردن جميعها تدعم الجيش، وهذه أيضاً نقطة لا يمتلكها حزب الله، لأنه غير مدعوم سوى ايرانياً ومن الدول الموضوعة على لائحة الدول الخارجة عن القانون”.
وبالنسبة الى تجار المخدرات الذين يستهزئون بالجيش ويهددونه، قال الحلو: “هنا ألوم النيابة العامة التي يفترض بها التحرك قبل الجيش من خلال إصدار مذكرة جلب بحقهم ثم يقوم الجيش بإحضارهم ومعاقبتهم، ومن الممكن أن تكون النيابة العامة أصدرت إخباراً بحقهم وهم متوارون عن الأنظار وهناك غطاء شرعي من جهات معينة”.
اما العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، فاعتبر أن “من يهدد الجيش يعني أنه يهدد الدولة بأكملها، وإذا لم تعطِ الدولة الهيبة للجيش فماذا يمكن له أن يفعل؟ فليتفضلوا بإعطاء الأمر للجيش الذي لا يمكن تحميله مسؤولية عدم التصدي لحزب الله أو لتجار المخدرات، وكل هذا الكلام يستهدف إضعاف العكسري الذي يستمد قوته من قوة الدولة”.
ورأى قاطيشا أن “السيد حسن نصر الله يطلق تهديداته في الهواء، وهذه التهديدات موجهة الى بيئته وحلفائه كي يقول لهم انه موجود، ورسائل الى الجانب الأميركي بأنه جاهز للرد العسكري، وبالتالي كل تهديداته ما بيطلع منها شي”.
اذاً، على السلطة وضع حد لكل من يتطاول على هيبة الجيش، فهو الحامي الرسمي والأساس ولن نقبل بأن يسلب أحد منه هذه الصفة أو هذه الوظيفة، وليتم وضع حد لكل متطفل عليه.