لم يفتح “حزب الله” حتى هذه اللحظة معركة رئاسة الجمهورية، ولا يزال يمتنع عن اي تصريح يوضح توجهه العام في الاستحقاق الرئاسي، اذ لم يعلن عن اسم مرشحه للرئاسة لا في وسائل الاعلام ولا حتى في الاروقة المغلقة مع حلفائه. يتعامل الحزب بهدوء كبير مع الاستحقاق المقبل خصوصا انه منشغل في استحقاق الحدود البحرية الذي قد يفجر المعركة مع اسرائيل.
ينظر “حزب الله” الى معركة رئاسة الجمهورية بوصفها انعكاسا لمسار التطورات في المنطقة، لذلك فهو يتعامل مع الامر من دون اي تسرع، لكن الاهم في رؤية الحزب الرئاسية هو ان هوية الرئيس ستساهم في اظهار نتيجة الكباش الداخلي الذي اعقب الانتخابات النيابية عام 2018، اذ وضع خصوم الحزب هدفا هو تحجيم حضوره في المؤسسات الدستورية.
امام هذه الاعتبارات يقترب الاستحقاق الدستوري حيث وضع خصوم “حزب الله” امامهم هدفا واضحا وهو منع وصول اي من حلفائه الى سدة الرئاسة، من دون ان يعني ذلك انهم سيخوضون معركة ايصال شخصية تعاديه في ظل التطورات الحاصلة والانشغال الاميركي بقضايا ابعد من الشرق الاوسط وعدم قدرتهم الداخلية على توحيد صفوفهم.
تسعى القوى السياسية التي تعادي الحزب في الداخل اللبناني الى الحفاظ على الوضع القائم في لبنان مع محاولة لتحسين الظروف والمواقع، وهذا يعني عدم المخاطرة بجر الحزب الى اشتباك سياسي – داخلي قد يؤدي الى نتائج عكسية، وعليه يبقى الهدف الاساسي هو تقليم اظافر الحزب داخل المؤسسات وعلى رأسها رئاسة الجمهورية.
حقق الفريق السياسي المتحالف مع الاميركيين تقدما تكتيكيا كبيرا في الانتخابات النيابية الاخيرة في الكثير من المواضع السياسية، وقيّد الى حد بعيد هوامش مناورة الحزب في السياسة الداخلية بعد ان منعه من الفوز بالاكثرية النيابية، وهذا ما وضع المعركة الرئاسية في اول سلم الاولويات لدى “القوات اللبنانية” مثلا وبعض النواب المستقلين.
ليس معروفا بعد ما اذا كان الحزب سيخوض معركة ايصال حليف صريح له الى رئاسة الجمهورية، اذ لا يزال هذا الامر محكوما بالتطورات المتوقعة في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، لكن سير الحزب بهذا الخيار، لسبب او لآخر، يعني ان الاشتباك السياسي سيأخذ طابعا استراتيجيا لا يمكن الوصول فيه الى حلول وسطى بسهولة.
لن تحدد الانتخابات الرئاسية المقبلة مستقبل الحياة السياسية في لبنان،لكنها ستكون مؤشرا واضحا على شكل التوازنات في المنطقة وفي الداخل اللبناني، وعليه، فإذا كانت التطورات الميدانية في سوريا ساهمت بإيصال الرئيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية فإن المفاوضات النووية ونتائجها ستساهم في وضع سقوف لهذا الفريق او ذاك وستزيد فرص مرشحين على حساب اخرين..