أسئلة كثيرة تدور حول السرّ المشترك بين دعوات مقتدى الصدر لاحتلال المقارّ (التي تراجع عنها لاحقاً) واعتزاله العمل السياسيّ (التي، كعادته، يفترض تراجعه عنها عاجلاً أم آجلاً) وبين خروج المعارضة السعودية علناً وبوضوح في لبنان عبر بيانات تندد بالنظام السعوديّ، علماً أنّ إيران التي تعتبر العراق أرضاً لها على الصعيدين الدينيّ والشرعيّ ما لبثت أن اكتشفت لاحقاً أنّ السعودية والخليج قد نظما حرباً جماهيرية ضدها في شوارع بغداد، فقامت هي في المقابل بتحريك السعوديين المعارضين في بيروت ضدّ النظام السعوديّ وتحديداً ضدّ وليّ العهد محمد بن سلمان؛ لكنّ السؤال الأهمّ يبقى حول: من هم هؤلاء؟ وكيف وصلوا إلى لبنان؟ أسئلة تجيب عنها المصادر الأوروبية، أنه خلال فصل الصيف وضمن فعاليّات “أهلا بهالطلة” وصلت الوفود السعودية قادمة من بعض الدول العربية؛ معظم الوافدين كانوا من المعارضين، وجدوا في الضاحية الجنوبية الملاذ الآمن… وصل هؤلاء بالآلاف مع عائلاتهم؛ لكن ومن غرائب الصدف أنّ هؤلاء هم مع تطبيق الشريعة في بلادهم بعد أن ألغى وليّ العهد الإجراءات الدينية كافّة وسط ارتياح غربيّ وحتى شبه عربي؛ لكنّهم في الضاحية الجنوبية لبيروت هم أشبه بالدواعش لما يحملون من أفكار متشددة.
في المحصلة، فإنّ شدّ حبال المعارك السعودية – الإيرانية المتنقلة بين بيروت وبغداد دفع بالوسطاء إلى تكثيف الجهود والاجتماعات بينهما؛ وهذا ما يبشّر بعقد اتفاق استراتيجيّ يتضمّن الحلول لكلِّ الأمور العالقة بينهما في اليمن، العراق، سوريا وصولاً إلى لبنان الذي هو بيت القصيد.
وبالتالي، فاذا سارت الأمور على هذا المنوال التفاوضيّ فإنّ المنطقة العائمة على بحر من الغاز سوف تحظى بالهدوء الذي يدوم ويدوم ما دامت منصات الاستخراج شغالة، خصوصاً بعد ما رشح بالأمس عن أنّ اتفاقاً يلوح في الأفق على ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين المحتلة ولبنان؛ وقد بات شبه ناجز، والكلام عن أنّ استخراج الغاز من “كاريش” سيكون مطلع شهر تشرين الأول مع تراجع الحديث عن أيّ حرب محتملة بين “حزب الله” واسرائيل خصوصاً وأنّ الإدارة الأميركية تحاول جاهدة “تضييق الخلاف” بين إسرائيل ولبنان حول ترسيم الحدود البحرية.
وبالانتظار، هذا أو ذاك، فإنّ نهاية عهد الرئيس ميشال عون سوف تشكل محطة إيجابية تعطي جرعتي تفاؤل وتفاعل على اعتبار أنّ العمل الحكوميّ متوقف، لأنّ عون وفريقه في السلطة هما المسؤولان والمتهمان دائماً بالخراب، ولاحقًا فإنّ نهاية شهر تشرين الأوّل ستشهد مغادرة الرئيس ونهاية عهده؛ أي على الطريقة اللبنانيّة “شرّفوا عالشغل”.