كان متوقعا أن يرد “رئيس التيار الوطني الحر” جبران باسيل في مؤتمره الصحافي على رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع والرئيس المكلف نجيب ميقاتي.
مصادر سياسية على خصام مع “التيار الوطني الحر” تسخر من مواقف باسيل بالقول: دائما هو الضحية والاخرون هو الجلادون، فعلى سبيل المثال لم تمض أشهر على تحالفه مع حركة أمل في انتخابات ايار 2006، فحينها كانت للضرورة احكام، وهذه الاحكام قد تعود إلى الواجهة مجددا متى تقاطعت مصالحه سواء مع الحركة او مع اي مكون سياسي، اما عندما تتضارب الحسابات فيتحول الحليف او الشريك لنائب البترون إلى ركن من اركان المنظومة الحاكمة التي امتهنت الفساد ولا تزال. العنوان الرئاسي محور اطلالة “الجبران”. منه يبدأ المسار السياسي المرجو وفق تكتل لبنان القوي للبلد. فبعد الرئاسة والحكومة، يحين أوان البحث في أزمة النظام. وهنا تكمن المعضلة فما يطرحه في ما خص توحيد الأحوال الشخصية ونظام يقوم على الدولة المدنية مع لامركزية موسعة يتضارب مع افكار حليفه الاول حزب الله فضلا عن رفض المقرات الدينية المسيحية قبل سواها لما يسمى بتوحيد الاحوال الشخصية. في المحصلة هذا الطرح لن يبصر النور وهو من قبيل المواقف السياسية التي لا تدر ولا تنفع. فتطوير النظام ليس بكبسة زر ويتطلب رعاية دولية واقليمية ليست متاحة في الوقت الراهن او في المستقبل القريب. يرفض باسيل منطق استحالة وصوله إلى قصر بعبدا. فهو رئيس اكبر تكتل نيابي وتياره يتمتع بحيثية شعبية مسيحية ووطنية. وبالتالي فإن الاستحالة تنظبق، كما فهم من كلامه أمس، على رئيس حزب “القوات اللبنانية” من دون أن يسميه ف”يلي بيتمتع فقط بحيثية مسيحية ما ينظر كذب عن الحيثية الوطنية وعن انو كل المناطق والناس متل بعضها برئاسة الجمهورية وهو كل هدفه يخلص منا ويكرر حاله بيلي عمله بالتسعين”، كما تنطبق الاستحالة على رئيس تيار المرده سليمان فرنجية من دون أن يأتي على ذكره بالاسم ايضاً، فبيك بنشعي بحسب باسيل لا يملك حيثية تمثيلية مسيحية لينطلق منها للحصول على الحيثية الاسلامية وليس كما يريده البعض المتباكي على اهمية الدور المسيحي بحيثية اسلامية مسقطة عليه دون أن يمتلكها.
وسط ما تقدم، ترتفع مؤشرات الفراغ الرئاسية. القوى السياسية كافة سلمت بالشغور في موقع رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون الذي كما يؤكد لن يبقى ساعة واحدة في قصر بعبدا بعد 31 تشرين الاول المقبل، لكن اطلالة باسيل وما حملته من تهديدات إلى الاقربين قبل الابعدين بعدم الاعتراف بشرعية حكومة تصريف الاعمال ولو اجتمع معها من اجتمع، ولو اجتمع العالم كله على دعمها، أضافت ملامح جديدة على المشهد وفق قاعدة العين بالعين أو “ما تجرونا إلى ما لا نريده” كما قال باسيل حرفيا، وهذا يعني أن الفتاوى الدستورية قد تعود إلى الواجهة مجددا لبقاء الرئيس عون في القصر الجمهوري، بحسب ما تشير اوساط سياسية لـ”لبنان24″ ، إلا أن الأكثر خطورة من احتمال عدم مغادرة الرئيس عون لقصر بعبدا (علما أن الأخير ليس في هذا الوارد مطلقا)، يكمن في المسار الذي رسمه باسيل لمقاربته ملفي رئاسة الجمهورية وتاليف الحكومة، فكلامه عن أن الفراغ لا يملأه فراغ، والفوضى الدستورية تبرّر فوضى دستورية مقابلة ، يشكل مدخلاً لأفكار وطروحات بدأ “التيار الوطني الحر” العمل عليها من أجل استقطاب دعم البطريركية المارونية وهذا من شأنه أن يحدث انقساما مسيحياً – إسلامياً تحت عنوان حماية المسيحيين لما تبقى من صلاحيات رئيس الجمهورية.
أمام كل ذلك، فإن مكمن الخطر هو في تدحرج الانهيارات في الأيام والأسابيع المقبلة. المرحلة حرجة. لا رؤية استراتيجية للخروج من المأزق. رئيس المجلس النيابي ليس متحمسا لتشكيل حكومة، تقول الاوساط نفسها،وحزب الله لم يدخل على خط الوساطة بين بعبدا والسراي، وعندما يسأل المسؤولون فيه من قبل المقربين منه، عن السبب الذي يدفع الحزب إلى الوقوف على الحياد رغم سوداوية المشهد على كل الصعد، لا يأتي الجواب. أما الرئيس المكلف فمستمر في مساعيه وتواصله مع القوى الاساسية لتأليف حكومة وفق المعايير الدستورية ولو في الساعات الأخيرة قبل نهاية العهد، فهو سيؤدي قسطه من جهة ومن جهة اخرى لا يريد أن يُحمل تبعات الصراعات السياسية. أما إذا بقيت العراقيل على حالها فإن المهام تنتقل إلى مجلس الوزراء في حال الشغور بحسب الدستور.