لا يخفي “التيار الوطني الحر” رفضه تشكيل حكومة جديدة الا بالشروط التي يريدها والتي في المناسبة تفوق بشكل كبير الشروط التي شكلت الحكومة الحالية على اساسها، ما يعني ان التيار يريد تنازلا كاملا، ليس من رئيس الحكومة المكلف فقط، بل من معظم القوى السياسية التي يجب ان تقبل بتعاظم حجم تمثيل التيار في نهاية عهد الرئيس ميشال عون وهذا لا يبدو واردا في المرحلة الحالية.
يفضل “التيار الوطني الحر” ان يترك مجالا لفتح اشتباك سياسي وشعبي بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، لانه يأمل من خلال مثل هذا الاشتباك تحسين وضعه التفاوضي وزيادة مكتسباته السياسية في اي تسوية متوقعة في المرحلة المقبلة، وعليه من غير المنطقي ان يدفع بإتجاه استقرار عام يُظهر ان ولاية عون كانت السبب في الازمة ومحفزة لها.
كما ان “التيار” لا يمكن له ان يحافظ على شكل نفوذه الحالي بعد الفراغ الرئاسي الا من خلال شكل جديد من الحكومات، لذلك ظهرت مطالبات بوزراء سياسيين، ولعل هذا الامر هو المطلب الاساسي الذي يريده العهد وتياره، وعليه فإنه مهما حصلت تنازلات حكومية مرتبطة بالحصص والحقائب فإنها لن ترضي “ميرنا الشالوحي” التي وضعت امامها هدف التمثيل السياسي في مجلس الوزراء.
تعتقد قيادة “التيار” ان اي حكومة جديدة من دون تمثيل سياسي ستمكن رئيس الحكومة من الحكم الكامل ومن عزل خصومه الذين يتمثلون بوزراء غير مسيسين، وهذا الذي يتهرب منه رئيس “التيار” جبران باسيل. يحاول باسيل ان يكون حاضرا بشكل شبه كامل داخل مجلس الوزراء عبر وزراء سياسيين محسوبين عليه كليا ليضمن ما يسميه بالمشاركة الكاملة.
هذه الشروط العونية توحي بأن الحلول الحكومية غير ممكنة قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، وتعني ايضا ان التيار يفضل الذهاب نحو كباش سياسي وشعبي كبير بعد انتهاء العهد لانه سيتمكن، من وجهة نظر بعض قيادييه، من فرض شروط اكبر من تلك التي كان يستطيع تحقيقها عندما كان جزءاً من السلطة.
حتى ان الرئيس ميشال عون الذي كبلته الرئاسة الى حد كبير، سيتحرر منها بسرعة قياسية عند توجهه الى الرابية، وعليه سيكون اقدر على تحريك جمهوره وعلى رفع سقف المواجهة السياسية مع القوى التي خاصمته خلال مرحلة توليه السياسة ولم يتمكن من مواجهتها بسبب القيود التي يفرضها المنصب.
اذا يبدو ان لبنان يتجه نحو فراغ رئاسي يساهم في زيادة حجم الانهيار والفوضى السياسية، لكنه من وجهة نظر عونية قد يؤدي الى تحسين الشروط السياسية ومنع الانهيار الشعبي والسياسي ل”التيار” وذلك عبر شد العصب الذي من المتوقع حصوله في الشارع من دون اي حسابات مرتبطة بتداعيات مثل هذه الخطوات..