تفاعل أمس قرار مصرف لبنان رفع الدعم عن المحروقات والتوقف نهائياً عن تأمين الدولارات اللازمة لاستيراد البنزين لصالح التجار والشركات المستوردة عبر «صيرفة».
وكتبت” النهار”: لعلها احدى مفارقات زمن الانهيار في لبنان ان تتأخر المؤسسات الدستورية وتتقاعس وتعجز وتتعثر وتتواطأ أيضا حيال الازمات المتدحرجة، ولا تصل الى المعالجات الا بعد الخراب العميم. هكذا أصاب المشاريع الإصلاحية العالقة منذ ثلاث سنوات والتي عجزت الحكومة ومجلس النواب عن إقرارها، وهكذا يحصل الان عند عشية انعقاد مجلس النواب لدرس وإقرار موازنة السنة الحالية التي تأخر إقرارها عشرة اشهر، واذا بالمواطن يتلقى عشية هذا الاستحقاق المالي الأساسي “هدية” جديدة قاصمة للظهر عبر رفع الدعم رفعا تاما عن مادة البنزين بعد مادتي المازوت والغاز لتصبح المحروقات بلا دعم تماما. كما ان إقرار الموازنة الذي شكل احد المطالب الأساسية لصندوق النقد الدولي مع المشاريع الإصلاحية الأخرى كرزمة متكاملة يأتي وسط شكوك كبيرة في الكثير من مضمون مشروع الموازنة وقدرته على احتواء متطلبات الوضع المالي والاقتصادي والاجتماعي الكارثي من جهة وايفاء المتطلبات الإصلاحية الملحة دوليا بمعايير الحد الأدنى المطلوب من جهة أخرى. وقبيل البدء بجلسات الموازنة غدا رفع مصرف لبنان امس الدعم بشكل كامل عن البنزين، بعدما كان قد اعتمد التخفيض التدريجي في الفترة الماضية، لتشهد الأسعار مزيداً من الارتفاع بعد إعتماد سعر الصرف في السوق السوداء لتسعير سعر صفيحة البنزين بالليرة اللبنانية، فيما عاود سعر صرف الدولار في السوق السوداء الارتفاع متخطيا سقف الـ 35500 ليرة بعد ظهر امس بالتوازي مع ضرورة لجوء المستوردين إلى شراء الدولار من السوق السوداء لاستيراد المحروقات. “الالتهاب” الجديد زاد سعر صفيحة بنزين 95 اوكتان 20 الف ليرة امس فصار سعرها 638 الف ليرة وسعر صفيحة البنزين 98 اوكتان زاد ايضا 20 الف ليرة الى 653 الف ليرة. ومع ان الامر كان منتظرا فان وطأة رفع الدعم عن البنزين تنذر بتداعيات من النوع الثقيل معيشيا وحياتيا لكونها ستنعكس بمزيد من الارتفاعات في مجال النقل وارتداداتها على المؤسسات العامة والخاصة كما في رفع أسعار المواد الاستهلاكية كافة.
وكتبت ” الاخبار”: بقرار منفرد، أبلغه إلى الشركات المستوردة للنفط ووزارة الطاقة، قرر مصرف لبنان، التوقف نهائياً عن تأمين الدولارات اللازمة لاستيراد البنزين لصالح التجار والشركات المستوردة عبر «صيرفة». وبات على هؤلاء شراء الدولارات التي يحتاجونها من السوق الحرة، التي تقلب سعر الدولار فيها أمس بحدود قريبة من الـ36 ألف ليرة.
أحد تداعيات قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة هو أن سعر صفيحة البنزين قابل للارتفاع أكثر من أي وقتٍ مضى، بما أن الحاكم أعاد توجيه طلب مستوردي البنزين على الدولار من «صيرفة» إلى السوق الحرة بقيمة تقدّر بنحو 200 مليون دولار شهرياً لتأمين ما يلزمهم للاستيراد، مما سيحفّز ارتفاع سعر الدولار نفسه خضوعاً لقاعدة العرض والطلب، وينعكس بدوره ارتفاعاً مستمراً بسعر البنزين، لا سيما وأن المستورد والمحطة يشتريانه بالدولار. وإن دل ذلك على شيء فعلى بوادر مرحلة جديدة من البلبلة لجهة تسعير المحروقات في المحطات، والقلق من عدم الاستقرار في توافر المادة، طالما أن سعر الدولار قد يتغيّر بين صباح ومساء اليوم الواحد بهوامش كبيرة. وتأمل وزارة الطاقة في أن تضبط التسعير بإصدار جدولين للبنزين أسبوعياً، أسوةً بالمازوت والغاز، من دون استبعاد إصدار جدولين، يومياً، في حال تقلّب سعر دولار السوق بهامش يتخطّى الـ500 ليرة، أو تغيّر الأسعار العالمية للنفط بمعدلات معينة.