فيما تنتهي مهلة التهدئة التي دعا إليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مع انتهاء “الزيارة الأربعينية” (مناسبة دينية شيعية) رسمياً، اليوم الجمعة، تعود الأنظار إلى المشهد السياسي المتأزم في العراق. لا سيما أن كافة المساعي على ما يبدو لم تنجح في تهدئة الصراع القائم منذ أشهر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي المدعوم من إيران.
المخاوف تصاعدت من الانزلاق إلى أتون حرب “شيعية – شيعية”. ففي تحليل لمجلة فورين بوليسي الأميركية، اعتبرت أن العنف الذي شهدته البلاد قبل أسبوعين، نجم مباشرة عن النفوذ الإيراني الذي دفع على ما يبدو البلد إلى شفا حرب أهلية.
فقد أثار بيان المرجع الشيعي كاظم الحائري الذي أعلن في آب تقاعده من منصبه كسلطة دينية ومطالبة مؤيديه باتباع المرشد الإيراني علي خامنئي، غضباً عراقياً، لاسيما في بيئة الصدر التي اعتبرت أنها محاولة إيرانية للحد من نفوذ الزعيم الصدري.
فعبر تلك الخطوة أرادت طهران كسب النفوذ والسيطرة على أنصار الصدر، إلا أنها فشلت، وفق ما أفادت “فورين بوليسي، معتبرة أن تلك الخطوة لم تكن مدروسة.
بل إن تلك المحاولة كادت تدفع البلاد إلى اقتتال شيعي شيعي، لوحظت بوادره في الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المنطقة الخضراء وسط بغداد نهاية الشهر الماضي بين أنصار الصدر وعناصر من الحشد الشعبي والإطار التنسيقي، أودت بحياة 30 شخصاً.
وقد مثلت تلك المواجهات أسوأ صراع شيعي داخلي في البلاد منذ سنوات، بعدما ظلت الأغلبية الديموغرافية الشيعية موحدة إلى حد كبير منذ سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين.
لكن الأمور لم تهدأ على ما يبدو، إذ إن تمسك الطرفين (الصدر من جهة، وموالي إيران من جهة أخرى) بموقفها ومطالبتهما قد تؤدي مجدداً إلى العنف، لاسيما أن الصدر لن يتنازل عن مطلب إجراء انتخابات مبكرة.
لكن مع استمرار الاضطرابات السياسية، من غير المرجح أن تؤدي انتخابات أخرى إلى إصلاح الأضرار الهيكلية العميقة التي لحقت بالبلاد، من هنا الخوف من انزلاقات آتية.