يبدو ان تشكيل الحكومة بات في الخطوات الاخيرة في ظل التوافق العام بين القوى السياسية الأساسية على ضرورة عدم ترك البلاد في فراغ كامل،خصوصا وان انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري بات امراً مستحيلا، ما يعني ان حكومة تصريف الاعمال ستخلق اشكالات تسعى اليها بعض الاطراف.
عمِل عهد الرئيس ميشال عون في الاسابيع الماضية على تسويق فكرة ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها تولي صلاحيات رئيس الجمهورية وهذا الامر لا يهدف فقط الى الترويج لامكانية بقاء الرئيس عون في قصر بعبدا وعدم تركه لمنصبه بعد انتهاء ولايته الرئاسية بل هناك اهداف اخرى.
بحسب مصادر مطلعة فإن” التيار الوطني الحر” يسعى بشكل كبير الى القيام بتحركات سياسية او ما يمكن وصفه بالشغب السياسي بعد انتهاء الولاية الرئاسية، وذلك لاعادة شد العصب الشعبي ورفع السقف السياسي في قضايا لم يكن عون قادرا على فتحها بسبب موقعه الدستوري.
وترى المصادر ان الحجة الاساسية لكل هذا المسار السياسي العوني كانت وجود حكومة غير دستورية من وجهة نظره، او الاصح حكومة تصريف أعمال، عندها كان “التيار” سيبدأ عملية ثأر سياسية من خصومه عبر عدة خطوات بالغة التصعيد تشل الحكومة اولاً وتفتح الباب امام استمرار عون في السلطة.
وتشير المصادر الى ان الخطة العونية كانت تقوم على استقالة او عدم حضور الوزراء المحسوبين على “التيار” في حكومة تصريف الاعمال ما يزيد من اشكالية صلاحياتها الدستورية، وسيترافق الامر مع خطوات رئاسية تجعل من “التيار” قادراً على الدفاع عن منطقه السياسي في وسائل الاعلام والخطاب الحزبي.
وتعتبر المصادر ان التظاهر والتحركات الشعبية كانت ستكون احدى وسائل الحراك العوني المعترض، لكن كل ذلك لم يعد ممكناً في المرحلة الحالية بعد الايجابية الكبيرة التي سيطرت على ملف تشكيل الحكومة وعليه بات “التيار” والعهد جزءً من التسوية، وباتت الحكومة التي ستشكل دستورية بإعتراف منظري “التيار”.
سيخسر “التيار الوطني الحر” الكثير من قدرته وهامش مناورته بعد تشكيل الحكومة، وسيصبح مضطرا للتعايش مع فكرة الاستمرار في السلطة لأشهر اضافية مع ما يعنيه الامر من تزايد نسبة النزف الشعبي وتعطل اي القدرة على خلق فوضى سياسية تخدم خطابه المعارض المطلوب شعبوياً.