شكل اللقاء الذي عقد ليل امس بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط محطة تشاورية جديدة في انتخابات رئاسة الجمهورية في ظل المعلومات عن حماسة بري للانتقال من مرحلة “الورقة البيضاء” و”تطيير النصاب” إلى مرحلة طرح الأسماء .
وكتبت” نداء الوطن”: ولأنّ التعطيل والتنكيل بالدستور من “ترسانة” الأسلحة الممانعة لقيام الدولة واستنهاض مؤسساتها، تضع قوى الثامن من آذار ثقلها لاستمرار ترجيح كفة الشغور في ميزان الاستحقاق الرئاسي، عبر الاستمرار في وضع جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية بين فكّي كماشة “الورقة البيضاء” و”تطيير النصاب” من دون الإقدام على تسمية أي مرشح والتصويت له في الهيئة العامة، الأمر الذي بات رئيس المجلس النيابي نبيه بري “لا يحبذ استمراره ويعتزم القيام بمروحة مشاورات بينية مع مكونات فريقه السياسي للدفع باتجاه الانتقال إلى مرحلة طرح الأسماء وفتح الباب تالياً أمام النقاش والتوافق مع الفريق الآخر”، كما نقلت مصادر واسعة الاطلاع لـ”نداء الوطن”، لكنّ جهود برّي في هذا الاتجاه لا تزال تصطدم بتمهّل “حزب الله” وتريثه في الانتقال إلى مرحلة التسميات والترشيحات لأنه باختصار “محكوم بعقدة جبران باسيل”.وأوضحت المصادر أنّ قيادة “حزب الله” لا تزال تراعي “حسابات باسيل الرئاسية” وليست مستعجلة للقيام بأي خطوة نحو تجاوز هذه الحسابات ربطاً بحسابات “حارة حريك” الاستراتيجية التي تفرض عدم المخاطرة بخسارة “الغطاء” الذي يمنحه “التيار الوطني الحر” لـ”حزب الله” في الشارع المسيحي، ولذلك فإنّ “الحزب” يعمل على إبطاء حركة المشاورات التي يدفع بري إليها في سبيل التوصل إلى مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية بانتظار “إيجاد المخرج المناسب الذي يحفظ ماء وجه باسيل ولا يهدد تحالف “حزب الله” معه”.وكان رئيس المجلس النيابي قد شدد في دردشة مع الصحافيين أمس على أنّ “التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعي التوافق السياسي”، مؤكداً الحاجة إلى ضرورة أن “تتشاور الأطراف خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة (الرئاسية) والأخرى للوصول إلى التوافق”.
ولفتت الانتباه مساءً المواقف التي أطلقها رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط من عين التينة مجدداً التأكيد على الاستمرار في ترشيح النائب ميشال معوّض “لكن لسنا فريقاً واحداً في البلد فليتم التداول بأسماء أخرى وعندها نرى”.وبحسب المعلومات التي رشحت لـ”نداء الوطن” حول أجواء لقاء عين التينة بين بري وجنبلاط، فإنه أتى بشكل أساس بغية تظهير الأخير “محورية الدور” الذي قام به الأول في الوصول إلى اتفاق الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل على مدى عقد من الزمن، وذلك في سياق الرد على محاولة الفريق العوني “خطف هذا الإنجاز” وتجييره لمصلحة العهد السابق وتياره.
وخلال اللقاء، تطرق جنبلاط مع رئيس المجلس إلى ضرورة مغادرة مربع المراوحة في ملف الاستحقاق الرئاسي بدءاً من الإقدام على خطوة طرح “مرشح رئاسي للفريق الآخر”، على قاعدة: “نحن لدينا مرشحنا وعليكم طرح مرشحكم للوصول إلى التوافق”.
وكتبت” النهار”: رغم الشكوك المبررة للبنانيين في التعهدات السياسية التي تقطع حيال أي ملف او ازمة، لا يمكن تجاهل أهمية تشكل اجماع داخلي متجدد حول اتفاق الطائف في هذه الحقبة المأزومة، بما يحمل اجماع كهذا من دلالات اقله لجهة عدم تجرؤ أي جهة على مزيد من اللعب بنار اذكاء الانقسامات. هذه الخلاصة الخاطفة لمنتدى اتفاق الطائف الذي انعقد السبت بمبادرة من السفارة السعودية في بيروت واحدث ترددات إيجابية في فضاء الازمات الداخلية، اثار تساؤلات بل وامالا ولو ضعيفة حيال ما اذا كانت تردداته ستنسحب على جوانب من ازمة الشغور الرئاسي، خصوصا ان الحضور المسيحي الشامل لكل القوى والاتجاهات في المنتدى ترك صورة مشجعة لجهة التحفيز على البحث الجاد في اسرع ما يمكن من وسائل للحؤول دون إطالة امد الفراغ الرئاسي . ولعل ما يذكي الجهود الداخلية للخروج بسرعة من وضع الفراغ ان المعطيات المتصلة بالمواقف الخارجية من لبنان، تظهر اتساع التشاؤم حيال الوضع في لبنان في ظل نشوء الشغور الرئاسي على غرار ما عبرت عنه مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف في ذهابها الى التحذير من سيناريو تفكك الدولة في لبنان.
وتقول أوساط ديبلوماسية واسعة الاطلاع ان ثمة رابطا عضويا بين اندفاع المملكة العربية السعودية الى اطلاق رسالة تثبيت رعايتها لاتفاق الطائف والموقفين الفرنسي والأميركي من استعجال انتخاب رئيس للجمهورية كركن أساسي في عملية النهوض من الانهيار الداخلي. ولكن المعطيات السياسية الداخلية لا تبدو على جانب مشجع بان حقبة الفراغ قد لا تطول ما دام أي مؤشر لم يظهر بعد حيال تبدل المسار الشكلي لجلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي يبدو انها ستمضي في اطار فولكلوري لملء الوقت حتى اشعار اخر لا اكثر. وتكشف هذه الاوساط ان الجهات الرسمية والسياسية اللبنانية سمعت الكثير من التحذيرات الخارجية حيال خطورة تفلت الازمات الاجتماعية في الفترة المقبلة بما عكس وجود معطيات شديدة الحساسية والخطورة لدى البعثات الديبلوماسية في لبنان في شأن ما يمكن ان يشهده لبنان في مرحلة الضياع السياسي والرسمي كلما طال امد الشغور الرئاسي .
وفي هذا السياق برز ما أشار اليه امس البابا فرنسيس عقب انتهاء زيارته الى البحرين الى أن “لبنان يسبّب لي الألم، لبنان ليس بلداً، لبنان رسالة لها معنى كبير لكنه يتألم حالياً”. وأضاف: “لا أريد أن أقول أنقذوا لبنان بل أقول ساندوا لبنان… ساعدوا لبنان على وقف انهياره”. كما دعا البابا السياسيين اللبنانيين إلى “تنحية مصالحهم الشخصية”.