يشلّ غلاء أسعار المحروقات قدرة العديد من المواطنين اللبنانيين، لا سيما القاطنين في مناطق البقاع الأوسط، على تحمّل فاتورة المازوت التي تستهلك زهاء ثلثي موازنة الأسرة خلال أشهر الشتاء، ما دفع العديد منهم للعودة إلى استخدام مدفأة الحطب.
إلا أن ارتفاع الأسعار لم يستثنِ الحطب أيضاً، فألزمت الأزمة الاقتصادية اللبنانيين، استبدال الحطب بإذكاء نار مدافئهم بما تيسّر من ملابس قديمة وأحذية بالية، وكرتون هالك، وما يستطيعون جمعه من أغصان الأشجار التي باتوا يقطعونها من أمام منازلهم أخيراً.على مدى أيام عدة، يستمرّ خضر مرتضى في قطع الأشجار من جانب منزله وجمع الأغصان والقش، ليوفر كمية لا بأس بها من الوقود استعداداً لأيام الشتاء القادمة. يعدّ خضر نفسه أفضل حالاً بكثير من أقرانه، إذ يقول إن كثيراً من الأسر الفقيرة لا تحظى بأشجار بالمجان. وهذا هو حال أبو علي، أحد سكان منطقة تمنين التحتا البقاعية، الذي يشكو من عدم قدرته على تأمين قوت عائلته “فكيف أتمكن من شراء مادة الحطب أو المازوت؟”.
الحلّ الذي وجده “تخزين الأحذية القديمة والمواد البلاستيكية والكرتون والنايلون للتدفئة والطهو بدلاً من الحطب، علّ هذه البدائل تكون رحومة على أولادي أكثر من الدولة”. وعلى الرغم من الروائح والغازات المضرّة التي تنتج عن حرق هذه المواد، مسبّبة الكثير من الأمراض، إلا أن “الموت مرضاً أهون من الموت برداً”، يقول. ويؤكد عليّ أنه ليس استثناء “أغلب سكان المنطقة يجدون في هذه الوسائل بديلاً فعالاً عن الحطب للتدفئة”.
يجري إسماعيل يزبك مقارنة بسيطة بين طن الحطب الذي يبلغ سعره 150$، وبين ثمن برميل المازوت الذي يزيد ثمنه عن 220$، مشيراً إلى أن هذه الكمية بالكاد تغطي حاجة الأسر لعشرين يوماً فقط في ظل الشتاء القارس التي تشهده المنطقة في السنوات الأخيرة.
حتى تكلفة استخدام مدافئ الكاز، الكهرباء والغاز فمرتفعة أيضاً، إذ تقدّر تكلفة قارورة الغاز الواحدة بـ500 ألف ليرة، وتكفي لـ15 يوماً فقط، ولا تستخدم إلا في غرفة واحدة من البيت، لذا يلجأ يزبك إلى توضيب الأحذية والثياب البالية وورق الأشجار اليابسة بغية استخدامها كوقود للمدفأة في أيام الشتاء البارد.
(الأخبار)