الاداء السعودي الجديد في لبنان.. تسوية بتحرك مختلف!

24 ديسمبر 2022
الاداء السعودي الجديد في لبنان.. تسوية بتحرك مختلف!


في الشكل، لم يتبدل الاداء السياسي السعودي في لبنان، بل لا يزال المراقبون يعتبرون ان الرياض تستمر بالانكفاء عن الواقع اللبناني، لكون الاعتبارات التي دفعتها للابتعاد عن التفاصيل اللبنانية قبل سنوات لم تتغير، ولم يحصل اي تبدّل استراتيجي في التوازنات النيابية والسياسية يجعل المملكة تعيد حساباتها لبنانيا.
 
لكن في المضمون يبدو الواقع مختلفاً، اذ ان الرياض باتت اكثر ليونة من السابق وهي تعطي مؤشرات عملية على تغيير جزء من استراتيجيتها في لبنان، ولعل فتح الابواب لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بصفتيه الدستورية والسياسية، والشخصية حتما يحمل الكثير من الدلالات.
 
بعد جهود فرنسية طويلة، باتت المملكة العربية السعودية حاضرة بشكل لافت في كل الحوارات والنقاشات التي تبحث التسوية في لبنان وباتت تناقش شكل التسوية وبنودها، وتعبر عن رأيها ومطالبها في الانتخابات الرئاسية والمرحلة المقبلة وان كان الانخراط السعودي لا يزال حذراً.
 
تحاول الرياض الا تكون في الواجهة المباشرة لاي حراك سياسي حول لبنان، فهي تحدد الخطوط العريضة لسياستها وتطلب احترام شبكة مصالحها السياسية وتترك الحرية دون ذلك للدول الراغبة بأن تقوم بأدوار حوارية او بوساطات سياسية مثل فرنسا وقطر.
 
تدرك المملكة ان لديها قدرة على وضع فيتو حاسم ضد اي تسوية، وهي لأجل ذلك تتقن كيفية الحصول على مطالبها  السياسية من دون ان تتدخل في التفاصيل المرتبطة بإسم رئيس الجمهورية مثلا، لذلك فإن الرياض لم توح بأن لديها اي مرشح مفضل حتى الآن وهذا ما ينطبق ايضا على سائر الاستحقاقات.
 
تقوم الاستراتيجية السعودية الجديدة في لبنان على ان الفراغ الذي خلفه غياب المملكة في السنوات الماضية يجب ان يملأ من جديد وان بأسلوب مختلف نوعاً ما، كما ان الساحة السنية لا يجب ان تترك اكثر مما تركت خصوصا وان رئاسة الحكومة تتعرض لهجوم سياسي مستمر من اكثر من طرف.
 
تضع الرياض خطوطها العريضة للمرحلة المقبلة وعلى رأس هذه الخطوط اتفاق الطائف الذي لا يمكن المس به من وجهة نظر سعودية، اضافة الى ضرورة عدم تسليم البلد لحزب الله من خلال تسهيل ايصال حلفائه الى المناصب الدستورية، وهذا الشكل من التعامل السعودي في لبنان سيتظهر بشكل اكبر في المرحلة المقبلة.