بعيدا عن فاعلية الحراك السياسي الذي يحاول رئيس “التيار الوطني الحر”جبران باسيل القيام به، وما اذا كان باسيل سيستفيد منه عمليا ام هو مجرد مبادرات اعلامية تخدمه في هذه المرحلة بالذات امام الرأي العام، الا ان الرسائل التي يمكن استنتاجها والبناء عليها متناقضة.
ولعل اهمية ما يقوم به باسيل اليوم انه يأتي في لحظة سياسية يتخاصم فيها مع حزب الله او اقله يذهب في تمايزه الى حدود غير مسبوقة. وفي ظل عدم حصول اي تقدم حقيقي بين الحليفين بالرغم من محاولات بعض الاصدقاء اعادة التقارب، بات البحث ممكنا في مقاصد باسيل من نشاطه السياسي المستجد.رسالتان متناقضتان يمكن استنتاجهما من لقاءات باسيل، الاولى من لقائه برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، اذ ان باسيل اوحى بأنه يستطيع تحسين علاقاته السياسية الداخلية وان الحصار السياسي الذي تعرض له بسبب تحالفه مع الحزب لن يستمر طويلا اذا قرر الخلاف معه.
بمعنى اخر اظهر التيار ليونته السياسية التي تؤكد ان حاجته للحزب يمكن ان تصل الى حدودها الدنيا، وقد ركزت قناة الـ او تي في مؤخرا على فكرة تقول بأن باسيل استطاع كسر الحصار السياسي الذي فرض على “التيار” من خلال حراكه الاخير.لكن في المقابل، يبدو ان باسيل اراد ايضا تأكيد رغبته بأن تعود العلاقة مع حليفه الى حالها، فكان اللقاء الذي لم ينفه احد بينه وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، اذ ان هذا اللقاء وبمعزل عن الجهة التي سعت اليه وسهلته، يريح الحزب بشكل كبير.يريد باسيل القول انه لا يرغب بالقطيعة مع حزب الله، واذا كان السبب الاساسي للاشتباك يعود إلى قطعه الطريق اعلاميا على اي مسعى للتقارب بينه وبين فرنجية، فها هو يتجاوب مع مسعى لعقد لقاء يكسر الجليد مع الزعيم الزغرتاوي، ويطوي صفحة التصعيد الباريسي الاخير.يدير باسيل المرحلة الانتقالية التي يعيشها التيار بعد خروجه من السلطة بالكثير من الإرباك، فهو يريد ان يحصل على مكتسبات المشاركة في التسوية، وفي الوقت نفسه يريد ان يكون المعارض الذي يستعيد شعبيته الذي خسرها في سنوات الحكم…