التقى البابا فرنسيس في الفاتيكان، وكعادته مطلع كل عام، أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي لتبادل التهاني بحلول العام الجديد، وألقى كلمة تناولت مختلف القضايا الراهنة.
واستهل البابا كلمته مؤكداً ان “حضور الدبلوماسيين يؤكد قيمة السلام والأخوة الإنسانيّة التي يسهِم الحوار في بنائها”، لافتا إلى أنّ “مهمّة العمل الدبلوماسيّ هي التخفيف من حدة النزاعات لتعزيز مناخ من التعاون والثّقة المتبادلَين لتلبية الاحتياجات المشتركة”.
وتطرّق البابا فرنسيس إلى الوضع في لبنان، مشيراً إلى أنّه يتابع الوضع عن كثب في لبنان، “الذي لا يزال في حال انتظار لانتخاب رئيس الجمهوريّة الجديد”، آملاً في أن “تلتزم جميع القوى السّياسيّة بالسماح للبلد بالتعافي من الوضع الاقتصاديّ والاجتماعي المأسويّ الذي هو فيه”.
وقال البابا في كلمته، “اليوم، نحن أمام حرب عالميّة ثالثة في عالم معولم، حيث تؤثّر الصراعات بشكل مباشر، ليس فقط على بعض مناطق الكوكب، بل تشمل الجميع بشكل أساسي. أقرب الأمثلة وأحدثها هو بالتّحديد الحرب في أوكرانيا، وما تلاها من موت ودمار. لهذا الصّراع الذي لا معنى له، والذي تطال آثاره مناطق بأكملها، حتى خارج أوروبا بسبب تداعياته في مجال الطّاقة وفي مجال إنتاج الغذاء، وخاصّة في إفريقيا والشّرق الأوسط”.
أضاف، “تقودنا الحرب العالمية الثالثة المجزأة للنظر إلى أماكن التوتر والصراعات الأخرى. يجب أن ننظر إلى سوريا على أنّها أرض معذبة، تقتضي نهضة هذا البلد الإصلاحات اللازمة بما في ذلك الإصلاحات الدستوريّة، في محاولة لإعطاء الأمل للشعب السّوري المنكوب بالفقر المتزايد باستمرار. ويجب ألّا يكون للعقوبات الدوليّة المفروضة تداعيات على الحياة اليوميّة لسكان كثرت آلامهم”.
وأبدى قلقه من “تصاعد العنف بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين، وما يترتب على ذلك من نتائج مأساوية للعديد من الضّحايا وانعدام الثّقة المتبادلة”، آملا أن “يتمكن الطرفان من استعادة الشّجاعة والعزم على الدخول في حوار مباشر من أجل تنفيذ حلّ الدولتين بجميع أوجهه”.
وقال، “أفكّر أيضًا في اليمن، حيث الهدنة ما زالت سارية المفعول، ولكن العديد من المدنيّين لا يزالون يموتون بسبب الألغام الأرضيّة”.
أضاف، “إنّ بناء السّلام يعني قبل كلّ شيء احترام الإنسان. كما يتعرّض الحق في الحياة للخطر أيضًا حيث يستمّر تطبيق عقوبة الإعدام، كما يحدث هذه الأيام في إيران، في أعقاب المظاهرات الأخيرة التي دعت إلى قدر أكبر من الاحترام لكرامة المرأة”.
وتابعK “أتابع عن كثب الوضع في لبنان، الذي لا يزال في حال انتظار لانتخاب رئيس الجمهوريّة الجديد، وآمل أن تلتزم جميع القوى السّياسيّة بالسماح للبلد بالتعافي من الوضع الاقتصاديّ والاجتماعي المأساويّ الذي هو فيه”.
من ناحية ثانية، أشار الخبير في شؤون الشرق الأوسط في موقع “الصداقة أون لاين” روبيرتو رودجير في حديث الى “الوكالة الوطنية للاعلام”، الى أن “العام الجديد يبدأ بحركة فاتيكانية ناشطة، إنها تحد كبير للكرسي الرسولي أمام بؤر صراعات وحروب لم تستثن حتى القارة الأوروبية”.
وأكد أنه “رغم أن الحرب تطرق أبواب أوروبا لكن الحبر الأعظم لم يقف مكتوف الأيدي في حالة من الجمود الديبلوماسي عالميا، ويذكر دائما لبنان وسوريا وفلسطين واليمن الجريح”.
الى ذلك، استقبل البابا الموقعين على الوثيقة التي وقعت في العاشر من كانون الثاني في الفاتيكان وأعلن عن انضمام الأديان الابراهيمية الثلاثة إلى نداء روما الذي صدر سنة 2020 حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، في إطار لقاء بعنوان “التزام ابراهيمي بنداء روما”، نظمته اليوم الأكاديمية الحبرية للحياة ومؤسسة RenAIssance.
والقى البابا كلمة ذكّر فيها بأن “ممثلي اليهودية والإسلام لم يشاركوا في توقيع النداء الأول”، شاكرا “الأكاديمية الحبرية للحياة ومؤسسة RenAIssance على تعزيزهما من خلال نداء روما لأخلاقيات متقاسَمة أمام التحديات الكبيرة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي”.
وأشار الى أن “اتفاق الموقعين على النداء على نشر ثقافة تضع تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة الخير العام للجميع وحماية البيت المشترك يشكل مثالا لآخرين كثيرين”.
يشار إلى أن نداء روما حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الذي يعود إلى سنة 2020 كان ثمرة منتدى دولي حول الذكاء الاصطناعي عُقد في الفاتيكان بمناسبة الجمعية العامة السادسة والعشرين للأكاديمية الحبرية للحياة في شباط فبراير من تلك السنة. وأكدت هذه الوثيقة تعزيز حس المسؤولية بين المنظمات والحكومات والمؤسسات لكي يُضمن أن يكون الابتكار الرقمي والتقدم التكنولوجي في خدمة الذكاء والإبداع البشريَّين.